معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم، أقرب الطرق للوصول إلى الله، ذلك أنه سيدنا رسول الله صلى الله عليه سولم، هو باب الوصول إلى الله، ومعرفة الرسول وتوقيره وتعظيمه من أساسيات الإيمان، ومن ثمّ فإنه بدون تعظيم الوسيلة فلا وصول للمقصود.
ولا يخفى على مسلم المنزلة العالية الرفيعة التي حباها ربنا عز وجل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد اصطفاه على جميع البشر، وفضله على جميع الأنبياء والرسل، قال الله تعالى: «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ» (البقرة: 253)، وفي ذلك يقول الإمام السعدي رحمه الله: «فكل الأنبياء لو أدركوا محمداً صلى الله عليه وسلم لوجب عليهم الإيمان به واتباعه ونصرته، وكان هو إمامهم ومقدمهم ومتبوعهم».
أنا محمد
فكيف بنا وقد عظمه ربه، ألا نعظمه؟ّ!، وكان صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه عن سب وشتم أم جميل وغيرها من المشركين له: «ألا تعجبون كيف يصرف الله عنّي شتم قريش ولعنهم! يشتِمُون مُذَمَّماً، ويلعنون مُذَمَّماً، وأنا محمد»، ومن ثمّ فإن أفضلية نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الخلق بما فيهم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، هي أفضلية قطعية وليست ظنية.
وقد أجمع أهل السنة على ذلك، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: «ما خلق الله عز وجل ولا ذرأ من نفس أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعتُ الله أقسم بحياة أحدٍ إلا بحياته، فقال تبارك وتعالى: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (الحجر:72)».
اقرأ أيضا:
يتعامل النبي مع المخطئين بطريقة رائعة.. تعرف على جانب مضيء من دعوته بالرفق واللبينصاحب المقام المحمود
فنبينا هو صاحب المقام المحمود، وفي ذلك يقول سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «إن الله اتخذ إبراهيم خليلا، وإن صاحبكم خليل الله، وإن محمداً أكرم الخلق على الله، ثم قرأ: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) (الإسراء: 79)»، لكن تعظيم المسلمين لنبيهم الأكرم صلى الله عليه وسلم لا يتخطى كونه في النهاية بشرًا مرسلا من قِبل الله عز وجل، فلا غلو فيه حتى يُرفع إلى منزلة الخالق عز وجل، أو يُعتقد فيه ما هو من خصائص الرب سبحانه، كما وقع لبعض المبتدعة الذين عبدوه مع الله، ورفعوه فوق منزلته التي أنزله الله إياها.
وقد قال له ربه سبحانه: «قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا» (الجن: 21)، وقال أيضًا: «قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ» (يونس: 49)، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تُطْرُوِني (تبالغوا في مدحي) كما أطرتِ النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله».