مرحبًا بك يا عزيزي..
قلبي معك.
أقدر ورطتك تمامًا وأتفهم تلك المشاعر التي دفعتك لمثل هذا السلوك في الثانوية العامة، وبالطبع ليس من ضمن الحل اللوم أو التوبيخ أو الوصم.
أخطأ والدك في علاقته معك بلاشك، وكان ما فعلته في نفسك كرد فعل قاسي، فقرارك هذا يشير إلبى مخزون غضب، لم يجد طريقه للبوح، فأنفذته أنت وفجرته كالقنبلة في نفسك.
وعلى الرغم من هذا كله، فالوقت لم يفت بعد، ولكل مشكلة حل، وأول خطوة في حل مشكلتك أن تتحرر من تلك المشاعر القديمة، ولا تسجن نفسك فيها ولا في تصورات والدك، واختياراته، فنحن عندما نسجن أنفسنا في بعض المشاعر، وتصورات الآخرين التي تلبستنا فأصبحت وكأنها تصوراتنا عن أنفسنا والحياة نتعطل كثيرًا.
داخل هذه السجون نبقى نصارع مشاعرنا، ومخاوفنا، فنتعطل ولا ننطلق، فهذا الصراع وهذه المقاومة تكرس المشاعر وتحكم اغلاق السجن، والحل في خوض رحلة نضج نفسي، ووعي، وتغيير حقيقي، واستبصار بالذات يا عزيزي.
أنت لم تجد عمل، ليس لأنك كما حكم عليك والدك فاشل أو عالة أو .. أو.. ولكن لأسباب كثيرة ومتنوعة ومعظمها ليس لك فيه حيلة.
ولا أعرف لم حبست نفسك في الحصول على عمل بالمؤهل الذي حصلت عليه من هذه الكلية، وأنت تصف موقفك منها بأنك لم تكن تريدها؟!
اقترب من نفسك، واكتشفها، وتعرف على قدراتك، ومهاراتك وطورها، وابحث عن عمل وفق هذا، مع دراسة سوق العمل والمطلوب فيه وتوفيق ما لديك مع المطلوب، وصدق بعدها في نفسك أنك ستجد عمل، بل إن العمل سيطلبك وسيجري وراءك!
حب نفسك يا عزيزي، واحترمها، وارفق واهتم بها، وامنحها الاستحقاق الذي حرمت منه والتقدير والتصديق وستمنحك الكثير لأن لديها الكثير مما تم دفنه وقهره وكسره.
لملم جراحك، وانهض، فأنت بالغ وراشد وناضج ومسئول عن نفسك، وتعافيها مما حدث في طفولتك من إساءات تربوية ونفسية زاملتك حتى اللحظة، وعطلت مسيرة حياتك.
لا تتردد في خوص رحلتك للتغيير يا عزيزي، لم تعد طفلًا بلا حيلة يسمح لكلمات غير واعية ولو من والديه وأحباؤه أن تحبطه وتقعده وتكسره، لا تسمع، وقم وخض رحلتك، واعلم أن هذه الرحلة تحتاج إلى يد وعين وعقل متخصص نفسي للدعم، والمساندة، يرى معك، وينير لك الدرب، وفق خطة علاجية منظمة، وفي سرية وحيادية بدون أحكام ولا نصح ، فلا تتأخر أكثر من هذا يا عزيزي، فسنوات عمرك ليست بالأرقام وإنما بجودتها، وحسن ادارتها، وملأها بما تحبي من مشاعر وعلاقات وانجازات.
هيا يا عزيزي فلم يفت الوقت بعد، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.