الاستدانة من الغير مشروعة للضرورة على توفي للمقرض بحقه في الوقت الذي افقتما عليه، وقد شرع الإسلام إباحة الاقتراض بضوابط ووفق شروط معينة تحقق الأمان لكلا الرفين المقرض والقارض حتى لا يقع الخلاف.
حكم القرض:
فالأصل أن القرض يكون لضرورة يريدها القارض ولا يجد معه من المال ما يمكنه فيلجأ للاقتراض وهنا تشرع المكاتبة والشهود وأنزل الله تعالى فيها أول آية في القرآن والتي تسمى بآية الدين أو المداينة قال ربنا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا...".
ضوابط القرض:
على أن هناك ضوابط كثيرة تحكم عملية الاقتراض حتى يكون حلالا ولا يقع في الربا المحرم حيث شاع للأسف طلب الزيادة من صاحب المال حتى يعطيك أو أن يشترط لقبول القرض أن يكون بزيادة عن رأس المال على ذلك.
فإن كنت تريد أن تقترض مبلغاً على أن تدفع للمقرض زيادة مقابل إقراضه لك؛ فهذا محرّم، وهو داخل في الربا المحرم، الذي هو من أكبر الكبائر، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: قال ابن عبد البر -رحمه الله-: وكل زيادة في سلف، أو منفعة ينتفع بها المسلف، فهي ربا، ولو كانت قبضة من علف، وذلك حرام إن كان بشرط.
وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة، أو هدية، فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
واستدلوا على ذلك: بما روي من النهي عن كل قرض جر نفعا، أي: للمقرض.
براءة الذمة من القرض:
وبراءة الذمة من القرض لها طريقتان فما دام هذا المال دخل ذمتك على جهة القرض، فلا تبرأ ذمتك إلا بسداد الدين، أو بإبراء المقرض، وإذا كنت تعرف صاحب الدين فالأمر يسير، توف له بدينه في الوقت المحدد بينكما.
من أخلاق المسلمين في الوفاء بالقرض:
ومن جملة الأخلاق التي تحيط بعملية الإقراض الأخلاق التي تلزم القارض والمقرض والتي يتميز بها المسلمون فإذا كنا نؤكد أن يوف القارض بحق المقرض ويسدد له في وقته فإن المقرض إن نظر في حال القارض ورآه معسرًا فعليه أن ينظره وقتا آخر أو يعف عن دينه ويبرأه، كما قال الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280].
ومتى ما كنت موسرًا قادرًا على السداد؛ فيجب عليك سداد دَين صاحبك، إن لم يرض بتأجيله، وإلا كنت ظالًما آثمًا؛ لأن مطل الغني ظلم، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مطل الغني ظلم.
قال البهوتي -رحمه الله- في كشاف القناع عن متن الإقناع: ويجب على مدين قادر وفاؤه -أي: الدين الحال- على الفور بطلب ربّه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «مطل الغني ظلم» ... وإلا بأن لم يطالب به ربّه؛ فلا يجب عليه على الفور.