السنن والنوافل من أبواب الخير التي يتمايز بها درجت المؤمن في الجنة فمن يحرص عليها يحبه اللهب بقدر حبه ومواظبته عليها.
فضل النوافل:
ومما يؤكد هذا المعنى حرصه صلى الله عليه وسلم عليها ودعوته للاهتمام بها وبيان فضلها ففي الحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه" رواه البخاري .
ومما جاء في فضل السنن النوافل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة. قالت أم حبيبة: فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية الترمذي: أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر. صححه الألباني.
الأفضل أداء السنن في وقتها:
ومن المعلوم أن أداء الأشياء في اوقاتها سواء فروض أو نوافل أو عبادات أيا كانت هو الأفضل ولا ننصرف للقضاء إلا لعذر شغلنا عن إقامتها في أوقاتها وعليه فأداء السنن الرواتب في أوقاتها المحدودة هو الأفضل؛ لأن هدي النبي صلى الله عليه وسلم هو المواظبة على السنن الرواتب في أوقاتها.
قضاء السنن:
فإن نزل بك عذر لم تستطع معه أداء السنن في اوقاتها كأن شغلت عنها جاز لك قضاؤها في أي وقت من الليل أو النهار، وهذا القول المشهور عند الشافعية، حيث قالوا إنها تقضى أبدا. وإذا كنت انشغلت عن صلاتها في وقتها بعذر معتبر شرعا أو منعك مانع من عجز أو نحوه مع مواظبتك عليها في أوقات استطاعتك فنرجو من الله تعالى أن يكتب لك الأجر كاملا.
ومسألة قضاء السنن من المسائل التي اختلاف فيها السادة الفقهاء فيرى الأحناف والمالكية على المشهور والحنابلة في قول بعدم القضاء ما عدا سنة الفجر فإنها تقضى بعد الوقت عندهم.
فيما يرى السادة الشافعية أن النوافل غير المؤقتة كصلاة الكسوف والاستسقاء وتحية المسجد لا مدخل للقضاء فيها، وأما النوافل المؤقتة كالعيدين والضحى والرواتب التابعة للفرائض ففي قضائها أقوال أظهرها أنها تقضى، وهو المشهور عند الحنابلة.
قال الإمام النووي: ذكرنا أن الصحيح عندنا استحباب قضاء النوافل الراتبة وبه قال محمد والمزني وأحمد في رواية، وقال أبو حنيفة ومالك وأبو يوسف في أشهر الروايتين عنهم: لا يقضى. والقول بالقضاء هو الراجح.
أدلة المجيزين لقضاء السنن:
ومن الأدلة التي ذكرها من رأى جواز قضاء السنن ما جاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس. رواه الترمذي وصححه الألباني، ومنها حديث أم سلمة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى الركعتين اللتين بعد الظهر بعد صلاة العصر لما شغله ناس من بني عبد القيس. ومنها حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن بعدها. رواه الترمذي وحسنه. ومنها حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا ذكره وإذا استيقظ. رواه أبو داود والترمذي.