حذر القرآن الكريم من مصير عدد من الأقوام الذين تمردوا على التوحيد، واستكبروا عن عبادة الله، وأفسدوا المجتمعات بغيِّهم وضلالاتهم الفكرية والسلوكية والعقيدية، ومن هؤلاء فرعون وقومه، حيث بالغوا في الكفر والتمرّد والعصيان لأوامر الله، ورفضوا كلّ الآيات والمعجزات التي أراهم إيّاها نبيّ الله موسى، بل سعوا إلى قتله وخنق دعوته في مهدها، عندما رأوا أنّه سيهدّد ملكهم وسلطتهم وغطرستهم.
يقول الله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ}[الأعراف: 133].
فلقد استحقَّ فرعون وقومه العذاب على ما قدَّموه للحياة من ظلمٍ وفسادٍ، وما مارسوه من قهر على المستضعفين، وما تعدّوا به على حقوق الله، وانحرفوا بالفطرة السويّة الداعية إلى التّوحيد والانفتاح على الخالق إلى عبادة الطّواغيت.
يقول الفخر الرازي في تفسيره: "قال ابن عباس: إنّ القوم لما قالوا لموسى: مهما أتيتنا بآية من ربّك، فهي عندنا من باب السّحر، ونحن لا نؤمن بها البتّة، فعند ذلك دعا عليهم، فاستجاب الله له، فأرسل عليهم الطّوفان الدّائم ليلاً نهاراً، سبتاً إلى سبت، حتى كان الرّجل منهم لا يرى شمساً ولا قمراً ولا يستطيع الخروج من داره، وجاءهم الغرق، فصرخوا واستغاثوا، فأرسل فرعون إلى موسى وقال اكشف عنّا العذاب، فقد صارت مصر بحراً واحداً، فإن كشفت هذا العذاب آمنَّا بك، فأزال الله عنهم المطر، وأرسل الرّياح فجفّت الأرض، وخرج من النّبات ما لم يروا مثله قطّ. فقالوا: هذا الّذي جزعنا منه خيرٌ لنا، لكنّنا لم نشعر. فلا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل، فنكثوا العهد، فأرسل الله عليهم الجراد فأكل النّبات.. ولم يؤمنوا.. فأرسل الله بعد ذلك عليهم القمّل، سبتاً إلى سبت، فلم يؤمنوا، فأرسل الله عليهم الضّفادع بعد ذلك، فخرج من البحر مثل اللّيل الدّامس، ووقع في الثّياب والأطعمة.. فدعا موسى الله تعالى فأمات الضّفادع.. ثم أظهروا الكفر والفساد، فأرسل الله عليهم الدّم، فجرت أنهارهم دماً، فلم يقدروا على الماء العذب، ومكثوا سبعة أيّام في ذلك لا يشربون إلا الدّم.
وفي ذلك خص الله نبيه موسى عليه السلام بتسع معجزات، في سورة الإسراء (آية 101): {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ .....} وهي:
1- الحجر
يقول الله تعالى في سورة البقرة (آية: 60): {وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ۖ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.
2- شق البحر
يقول الله تعالى في سورة الشعراء (آية: 63): {فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}.
3- العصا
يقول الله تعالى في سورة الأعراف (آية: 107): {فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ}.
4- السنين ونقص الثمرات
يقول الله تعالى في سورة الأعراف (آية: 130): {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}.
5- الطوفان
يقول الله تعالى في سورة الأعراف (آية: 133): {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ}.
6- الجراد والقمل
يقول الله تعالى في سورة الأعراف (آية: 133): {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ}.
7- الضفادع
يقول الله تعالى في سورة الأعراف (آية: 133): {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ}.
8- الدم
يقول الله تعالى في سورة الأعراف (آية: 133): {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ}.
9- اليد البيضاء
يقول الله تعالى في سورة النمل (آية: 12): {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ۖ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}.