يبعث أداء صلاة الفجر في جماعة، بالفرحة في النفس طوال اليوم، حيث دائمًا ما يشعر الإنسان، بالسعادة طوال اليوم، كما يشعر أن يومه موفقا في كافة أعماله، أو مذاكرته، فهي تساعد على الحفظ السريع، وتفتيح العقل، وتملأ الجسم بالنشاط والحيوية.
فصلاة الفجر في جماعة تجعل المسلم في ذمة الله طوال اليوم، فهل تشك أن أحدًا في ذمة الله يتعرض لأي مكروه، الدخول في ذمة الله.
فعن جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الصبح، فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء؛ فإن من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم». رواه مسلم وأحمد.
ومعنى الحديث، أن من صلى الصبح في جماعة، فهو في ضمانه -تعالى- وأمانه وعهده، فليس لأحد أن يتعرض له بسوء، ومن نقض عهد الله -تعالى- فإنه يطلبه للمؤاخذة بما فرط في حقه والقيام بعهده، وبالتالي حينما تكون في ذمة الله فهل تشعر بمعنى السعادة طوال يومك، وهل جربت أثر صلاتك في التوفيق طوال يومك في كل شيئ.
وقت صلاة الفجر تشعر أن الجو يملأ النفس أنسًا وبهجة، ويملأ القلب صفاءً ونشوة، ويَملأ الوجه نضارة وفرحة!.
فحينما تستيقظ لصلاة الفجر وتتوضأ، ثم تصلي ثمن تختك الصلاة، وتجلس في انتظار شروق الشمس، تشعر وأن جو غير عادي، لم يلوَّث بأنفاس العاصين بعد، ولم يشوَّه بذنوب المُذنِبين، جوٌّ يُطلُّ على قلبك المكدود، فيضخ فيه الدماء، وينبت فيه الحياء، ويجدد فيه البناء، ويترك فيه النقاء، ويزيد فيه الصفاء.
وكأن المنادي لصلاة الفجر ينادي بالسعادة على أصحابها، الذين أصبحوا في ذمة ملك الملوك، فكيف تخشى من ملوك الدنيا، ومن حاكم من الحكام، أو من أحد من الناس.
كيف وقد استيقظت لصلاة الفجر، وأصبحت على نعمة من الله بطاعته، يفوتك الطيب من الرزق، وقد شهدت على توزيع الرزق مبكرا، واستجبت لربك، فأصبحت في ذمته، التي تحيط المؤمن بالحماية له والرعاية في نفسه وولده ودينه وسائر أمره، فيحس بالطمأنينة في كنَفِ الله، ويَشعر بالراحة مع أمان مولاه، ويعلم أن عين الله ترعاه، ليس في الدنيا فحسب، وإنما يوم أن يلقاه.
اقرأ أيضا:
الجمعة.. عيد خاص عند الموتى تتلاقى فيه أرواحهم ويفرحون بالزائرينقال صلى الله عليه وسلم: ((بشِّر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التامِّ يوم القيامة))؛ رواه الترمذي وابن ماجه.
والنور على قدر الظُّلمة، فمَن كَثُر سيره في ظلام الليل إلى الصلاة عظم نوره وعمَّ ضياؤه يوم القيامة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فيعطون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم مَن يُغطِّي نورُه مثل الجبل بين يديه، ومنهم مَن يغطي فوق ذلك، ومنهم من يغطي نوره مثل النخلة بيمينه، حتى يكون آخر من يغطي نوره على إبهام قدمه يُضيء مرةً، ويَنطفئ مرة)).
قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ﴾ [الحديد: 12].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن صلى البردين دخل الجنة))، والبردان هما الفجر والعصر.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح والعصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله وهو أعلم: كيف وجدتم عبادي؟ فيقولون: تركْناهم وهم يصلُّون، وأتيناهم وهم يُصلُّون)).
إنها فرحة لا تُضاهيها فرحة، وأجر لا يطاوله أجر، أن توفَّق لصلاة الفجر، فتُرزق الفرحة والأجر؛ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].
اللهمَّ وفِّقنا لصلاة الفجر في جماعة، وزِد في أرزاقنا، وبارك لنا فيها، وامنحْنا الإخلاص في القول والعمل.