نعرف أن لله حقوقًا على عباده.. فهل لنا حقوق على الله؟
بقلم |
أنس محمد |
السبت 13 يناير 2024 - 10:33 ص
يعرف الناس أن لله حقوقًا عليهم، ولكن قد يندهش بعضنا إذا عرف أن لنا حقوقًا على الله، بل يعتبر البعض ذلك جرأة والعياذ بالله على الله عز وجل، ولم لا وقد تكفل الله عز وجل برزق عباده، وأن يكتمل أجلهم بحسب ما قدر لهم من أعمار كتبها الله عز وجل في اللوح المحفوظ.
فقد جاء في الصحيحَيْن عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنتُ رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: ((يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟))، قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنَّ حقَّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله ألا يعذب مَن لا يشرك به شيئًا))، قلت: يا رسول الله، أفلا أبَشِّر الناس؟ قال: ((لا تُبَشرهم فيتَّكلوا)).
فحق العباد على الله أن يثيبهم ويجازيهم وهو حق أحقه على نفسه، وقد أوجب رزقهم عليه، وأقسم بذلك، كما أقسم بأن يستجيب لهم دعاءهم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قال الله عزوجل : يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ، يا ابن آدم ، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة ) رواه الترمذي.
وفي الحديث بشارة عظيمة لأهلها المستحقّين لها، وهم الذين دعوا الله ووحدوه وقاموا بواجب الألوهية، ودعوه أن يغفر لهم فلم يبخسوا من حق الله شيئًا ولم ينقصوه، وهو كتفسير لقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].
فالظُّلم هو انتقاص الحق وعدم إتيانه كاملاً، قال تعالى: ﴿ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا ﴾ [الكهف: 33].
فالعباد الذين صدَّقوا أقوالهم بالأعمال، ولَم يبْخسوا مِن حقِّ الله شيئًا، ولم يخلطوا إيمانهم بشيء من الشرك لهم الأمن الصحيح مِن عذاب الله وسخطه في الدُّنيا والآخرة.
فحق الله على عباده، أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا على الإطلاق، كما في آية أخرى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ [النساء: 36].
فعبادة الله هي غاية حبه وتعظيمه وإجلاله والخوف منه ورجاء مثوبته، وهذه شُرُوط المحبَّة ولوازمها التي لا تتحقَّق بدونها، بحيث لا يقدم المسلم ولا يُؤْثِر ولا يفضِّل شيئًا أبدًا على حبِّ الله ورسوله وطاعته وطاعة رسوله، والجهاد في سبيله، وأن يكون حبه لأي شيء من الأشياء لله وفي الله، لا أن يكون مع الله ومن دون الله.
فعلى المسلم حال دعائه أن ينجيه الله فيجب أن يعزم في المسألة ، ويجزم في الطلب ، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يقولن أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة ؛ فإنه لا مكره له ) رواه البخاري .