باتت مشاهدة الناس (يتفرجون) على من يأتي بالمعصية أو المنكر أمر عادي هذه الأيام، فترى من (يتحرش بالنساء) لا أحد يردعه، ومن يتعرض للناس في الشارع، لا أحد يوجهه، ومن يرفع صوته أمام من هو أكبر منه، لا أحد يرده، ومن يؤذي أحدهم، لا أحد يتدخل للدفاع عن من أوذي.
وكأن الأمر لا يعنيهم، مع أن الدنيا (دوارة)، ويومًا سيتعرضون للأذى، وقد لا يجدوا من يدافع عنهم، فضلا عن أن الإسلام نهى عن ذلك، وإنما طالب صراخة بالتدخل لنصرة المظلوم.
عن سيدنا أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
عموم العقاب
يا من تقف (تتفرج) أو تشاهد المعاصي والتعدي على الحقوق، دون أن يتحرك لك جفن، أن ذلك سيؤدي إلى نتيجة واحدة مفادها أن الله سيعمم علينا غضبه، فعن سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه قال: يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ» (المائدة:105)، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه».
وفي الحديث، تحذير وترهيب من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن ألا يزيد من البلة سوءًا، وإنما يتصرف بحكمة، وأن يكون تدخله لا لغرض ما، وإنما إرضاءً لله في أرضه وفي خلقه وفقط، ذلك أن من ينصر الله، لابد أن ينصره، قال تعالى: «إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» (آل عمران 160).
اقرأ أيضا:
الإيثار.. إحساس بالآخرين وعطاء بلا حدودالأمر بالمعروف
الأمر بالمعروف، إنما هو من أصول الدين، ولكن بشروط، ألا يكون ورائه هدف أو غرض، وإنما هو لله وفقط، فضلا عن أن يكون المرء قادرًا على ذلك، وأن تكون النصيحة بلا فضيحة أو بالخروج عن المألوف، فقد قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة أنكرها- كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها».
فالغضب لله قد يكون محمودًا في موضعه المناسب، بينما لا يجوز أبدًا أن تصل الأمور حد السب واللعن، فالأصل أنها محرمة لا تجوز، وليست هي من أخلاق المؤمن، كما في الحديث الشريف، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء».