يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ» (الأنعام 33)، إذن فإن كفار قريش لم يكونوا يكذبون رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما هو الجحود أي (الإِنكار مع العلم)، إنكار الحقيقة رغم العلم يقينًا أنها حقيقة، وهذا هو حال أغلب الرافضين لرسالة خير الآنام حتى الآن.
فهذا مسيلمة الكذاب كان رجلًا مشؤومًا إذا دعا لمريض مات، وإذا مسح على رأس طفل مَرِض، وإذا شرب من بئر جَف، ومع ذلك آمن بنبوته خلق كثير من قومه، وكانوا يطلبون دعاءه وبركته! ونصروه عنادًا واستكبارًا وتعصبًا ضد المسلمين، وكان منهم من يقول: إنا لنعلم أنه كذاب، ولكن كذاب ربيعة (يقصدون مسيلمة) أحب إلينا من صادق مُضَر (يقصدون رسول الله صلى الله عليه وسلم).
الجهل
هناك البعض ممن يكفرون بالإسلام جهلاُ، كما قال الله تعالى: «بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ» (يونس:39)، وقال تعالى أيضًا: «وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ* حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ » (النمل:83-84).
وأما كفر الجحود -والعياذ بالله- فهو كتم الحق مع العلم بصدقه، كما قال الله تعالى في شأن اليهود: «فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ » (البقرة:89)، وقال في شأن فرعون وقومه: «وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا» (النمل:14)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: «الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ» {(البقرة:146).
إذا كان القلب يملؤه الحقد، فإن الجحود يزداد، بينما في الحقيقة على الإنسان أن أن ينقي قلبه تمامًا من أي جحود، لأنه بداية (القطران)، قال تعالى: «كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ» (المطففين 14).
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةالإعراض
هناك أيضًا كفر الإعراض -والعياذ بالله- وهو الذي لا يلقي بالاً للدين بالأساس، ولا يهتم به ولا يسأل عنه ولا يعمل به ولا يتعلمه.. فهذا من شأن الكفار، قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ» (الأحقاف:3).
فإياك عزيزي المسلم أن تقع في أي خطر من هذه المخاطر (الجحود أو الجهل أو الإعراض)، بل اقترب من الله واستمع لأقوال العلماء لتصحح مفاهيمك عن الدين أولا بأول، فضلاً عن تجديد إيمانك يومًا بيوم.
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه يجدد إيمانه يوميًا، وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فسلوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم».