بقلم |
عمر نبيل |
الثلاثاء 09 ابريل 2024 - 01:33 م
عزيزي المسلم، إياك أن تتصور أن مواصلة الحفاظ على أخلاقك بعد رمضان أمر صعب، إذ أن هناك فعلا واحدًا، لو حافظت وداومت عليه، فقد تنال خُلق رمضان طوال العام، ألا وهو ذكر الله عز وجل، ذلك أنه ينقي القلوب ويبعث على المرء الطمأنينة، ذلك أنه يتضمن حياة القلوب والقرب من علام الغيوب، ولمّ لا والذكر هو المنزلة الكبرى التي منها يتزود العارفون بالله.
ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم (الوابل الصيب)، أن للذكر أكثر من سبعين فائدة، منها أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره ، ويرضى الرحمن عز وجل ، ويزيل الهم والغم والحزن ، ويجلب للقلب الفرح والسرور والبسط، وأنه أيضًا يقوي القلب والبدن ، وينور الوجه والقلب ويجلب الرزق، والأعلى أنه يورث ذكر الله عز وجل ، قال تعالى : «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ» (البقرة/152) ، وفي الحديث القدسي يقول المولى عز وجل: «فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ».
خير العطاء
أيضًا من أهم ما يمنحه ذكر الله للعبد، العطاء والفضل الذي ترتب عليه لم يرتب على غيره من الأعمال ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه».
الأمان
فإذا دوام العبد على ذكر ربه سبحانه وتعالى، فإنه بذلك يحصل على عظيم الأمن والأمان، كما يمنحه ذلك تذكار ربه طوال الوقت ما يبعده عن السبب الرئيسي للشقاء وهو نسيان الله عز وجل والعياذ بالله، ذلك أن نسيان الله سبحانه وتعالى يوجب نسيان نفسه ومصالحها.
قال تعالى : «وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» (الحشر 19)، فإذا نسي العبد نفسه أعرض عن مصالحها ونسيها واشتغل عنها فهلكت وفسدت ، كمن له زرع أو بستان أو ماشية أو غير ذلك مما صلاحه وفلاحه بتعاهده والقيام عليه فأهمله ونسيه واشتغل عنه بغيره فإنه يفسد ويضيع، وبالتالي إذا حافظت عزيزي المسلم على ذكر الله بعد رمضان، فاعلم أنك بمأمن من الشر وفساد القلوب، كأنك تعيش في رمضان طوال العام.