اختص الله سبحانه وتعالى شهر رمضان بنفحات وروحانيات لكي يجتهد فيه المسلم ويتزود بالطاعات، وتعد الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان من أكثر الأيام التي يحرص بها المسلمون على فعل الطاعات والخيرات من أجل التقرب من الله ونيل رضاه، فهذه الأيام فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر،
قد كان السلف الصالح خير من يُقتدى بهم فقد ضربوا أروع الأمثلة في الاقتداء برسولنا الكريم، وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم أول المتسارعين والمتسابقين في اغتنام الفرص التي تقربهم من الله، والتزود منها.
وقد كانت العشر الأواخر من شهر رمضان أحد أهم الفرص الي حرصوا على استغلالها خير استغلال، لكي ينقضي بهم رمضان وهم فائزين برضا الله وحب رسوله.
ورد في العديد من الأحاديث النبوية اهتمام السلف الصالح بفعل الخيرات والإكثار من الطاعات خلال العشر الأواخر من شهر رمضان لما بها من بركة وخير، ومن ضمن المواقف التي أكدت اهتمام السلف بهذه الأيام هذه الشواهد التالية:
روى عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه إذا جاءت ليلة أربع وعشرين هم بالاغتسال والتطيب ولبس ثياب جديدة.
قال ثابت البناني أن تميم الداري كان له حلة اشتراها بألف درهم، وكان يرتديها في الليلة التي تُرجى فيها ليلة القدر.
قال إبراهيم بن شماس: "كنتُ أعرِف أحمد بن حنْبل وهو غُلام يُحيي اللَّيل".
وقال ابنُ أبي حاتم: "وإنَّما قال ابنُ عمر ذلك؛ لكثرة صلاةِ أمير المؤمنين عُثمان باللَّيل وقراءته، حتَّى إنَّه ربَّما قرأ القُرآن في ركعة".
كيف ورسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يقول: ((يتنزَّل ربُّنا - تبارك وتعالى - كلَّ ليلة إلى السَّماء الدنيا، حين يبقى ثلُث الليل الآخر فيقول: مَن يدعوني فأستجيبَ له؟ مَن يسألُني فأعطيه؟ مَن يستغفرني فأغفر له؟))؛ متَّفق عليه.
وفي لفظٍ عند مُسلم: ((مَن يقرض غير عَديم (فقير) ولا ظلوم)).
وهذا من خصائصِ هذا الشَّهر المبارك، الَّذي يبارك الله فيه للمخْلصين في أوقاتِهم وعبادتِهم، فلا عجب.
• بل إنَّ الشَّافعي كان يَختم القُرآن في شهْر رمضان ستِّين ختمة، وفي كل شهرٍ ثلاثين ختمة، يَختمه في صلاة، وليس قراءة، والخبر مشْهور في كتُب السير.
وكان السلف الصالح في الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان لا يقتصرون على أنفسهم فقط بل أنهم كانوا يشاركون أهلهم في إحياء هذه الليالي، فقد كانوا يوقظون نسائهم وأبنائهم قدوة برسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه.
كان طلحة بن مصرف يأمُر نساءَه وخدمه وبناتِه بقيام الليل، ويقول: "صلُّوا ولو ركعَتَين في جوْف اللَّيل، فإنَّ الصَّلاة في جوْف اللَّيل تحطُّ الأوْزار، وهى من أشْرف أعمال الصَّالحين".
كما كان السلف يهتمون بالقرآن الكريم مع الصلاة خلال هذه الأيام، فقد نقل الذهبي عن الأسود بن زيد “أنه كان يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال”.
اقرأ أيضا:
"إلي مثواه الأخيرة " خطأ شرعي فتجنبه ..لهذه الأسباباقرأ أيضا:
لماذا خلق الله النار؟.. وما صفات أهلها؟.. وما الحكمة من عذاب البشر؟