الاستغفار من الأعمال الصالحة، التي يجب علي العبد المؤمن أن يكثر منها خلال شهر رمضان انطلاقا من أي عمل بشري يعتريه النقصان والخلل ومن ثم لابد من جبره وإصلاح هذا الخلل لذا يحبذ ان ننهي جميع أعمالنا ا كلها بالاستغفار، بل بالأخص في مثل هذه الليالي المباركة .
وقد حث رسولنا الكريم علي الإكثار من الاستغفار خصوصا في هذه الأيام المباركة كما في حديث سيدنا : "فأكثروا فيه من أربع خصال، خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غنى لكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فلا إله إلا الله، والاستغفار. وأما الخصلتان اللتان لا غنى لكم عنهما: فتسألون الله الجنة، وتستعيذون من النار"
ويقدم هذا الحديث الذي رواه سلمان دليلا على أنك متى وفقت لعمل فغاية أمنيتك العفو، وتختم عملك بالاستغفار.. إذا قمت الليل كاملاً، فاستغفر بالأسحار، كما مدح الله المؤمنين بقوله: "وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" [الذاريات: 18]. فإذا وُفِّقت لقيام مثل هذه الليالي، فاطلب العفو، أي اطلب من ربك أن يعفو عنك، فإنه تعالى عفوّ يحب العفو.
"ومن الثابت أن الاستغفار" محور مهم يؤثر في حياتنا، خاصةً عند الأزمات، وعند تقلب الزمان علينا؛ ارتفاع أسعار، هجوم وباء، نسميها " الوباء، والبلاء، والغلاء "، قد يصيب ذلك الإنسان على سبيل الرحمة من عند ربنا سبحانه وتعالى، وذلك أنه أمرنا حتى نخرج من تلك الحالة الردية إلى الحالة المرضية " بالاستغفار".
"وبحسب منشور للدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فإن الاستغفار" يشكل محورا مهم في العلاقة بيننا وبين ربنا سبحانه وتعالى ؛ نستغفر من الذنوب ومن الخطايا التي صدرت منا بقصد أو بغير قصد، بعلم أو بغير علم، وندعوه ونقول له : "يا رب اغفر لنا ما علمنا وما لم نعلم"،
ومن المهم الإشارة هنا إلي أن هناك أمورا تتم بالقصد وبالعلم، وهناك أمور تتم من غير قصد، "اللَّهُمَّ اغفِرْ لنا ذَنوبنا كُلَّهُا : دِقَّها وجِلَّهُا، وأَوَّلها وَآخِرَهُا، وعلانيتها وَسِرَّها ، ونقنا من خطايانا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس"، هذه ألفاظ سيدنا ﷺ وهو يعلمنا كيفية الاستغفار " إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً " وهو العبد الرباني.
ولاهمية الاستغفار فإن سيدنا نوح ضرب مثالا قويا علي ذلك حين نصح قومه "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا "
وكذلك فعل سيدنا هود عليه السلام حين هم بنصح قومه فيقول : "وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ" إذًا الإنسان بين الشكران والكفران، إما أن يشكر وإما أن يكفر -"يكفر" يعنى يأبى أن يحمد وأن يشكر- ، لكنه ينصحهم –ونحن أيضًا- بأن المدخل الصحيح هو الاستغفار " كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ ".
ويشير أهل العلم هنا إلي أن النفحة الربانية ربما تنزل من السماء، فنتعرض لها، كنا نرى الأولاد الصغار يتعرضون للمطر لأنه حديث عهد بربه، يعنى كأن الله سبحانه وتعالى أنعم لنا به الآن، فكانوا يفرحون به باعتباره طهر، وباعتباره غيث، وباعتباره سبب للحياة " وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ" فكانوا يتعرضون له، النفحات كذلك : " نفحات يوم الجمعة، نفحات رمضان، نفحات الأيام المباركة، العشر الأوائل من ذي الحجه بما فيهم يوم العيد، ليلة النصف من شعبان " فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ "... وهكذا نفحات ربانية ؛ فتعرضوا لنفحات الله.
للاستغفار في شهر رمضان وغيره فضائل عديدة منها أنه بوابة لمضاعفة ، الأجر والثواب، فللاستغفار فضلٌ وأثرٌ كبير، بل أن الاستغفار يعد من أعظم الأسباب التي تعتق المسلم من النار. يعد الاستغفار بمثابة الدعاء، ودعاء الصائم مستجاب في حال صيامه وعند إفطاره، فقد قال الله في كتابه الكريم: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا *وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا".
اقرأ أيضا:
وإن سألوك عن السعادة؟.. قل هذا مفتاحهاومن فضائل الاستغفار في رمضان كذلك أنه طريق الحصول على رضا الله -عز وجل-. نفى الله -سبحانه وتعالى- العذاب عن عباده الصالحين المستغفرين، فقد قال سبحانه في كتابه الكريم: "وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ"وينبغي علينا هنا التأكيد أنه و لعظمة الاستغفار فقد جمع الله -سبحانه وتعالى- بين الاستغفار والتوحيد، فقد قال سبحانه: "فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ".
وكذلك من فضل الاستغفار في رمضان ثناء الله -عز وجل- على من يستغفر بالأسحار. الاستغفار يعد سبيل الفرج والخروج من الضيق، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن لزِمَ الاستغفارَ جعلَ اللَّهُ لهُ من كلِّ ضيقٍ مخرجًا ومن كلِّ همٍّ فرجًا ورزقَهُ من حيثُ لا يحتسبُ"
ويعد الاستغفار وسيلة من وسائل مسح الذنوب ويبعد المستغفر عن العقاب فلا يفضحه لا في الدنيا ولا في الآخرة.