لنجعل رمضان فرصة لزيادة نسبة المجاهدة.. وليس لزيادة نسبة المشاهدة، فاحرص على أن تستغل كل وقتك في ذكر الله وتسبيحه، ما بين الصلاة وقراءة القرآن، فضلا عن الصيام، وهي أمور لو تعرف أجرها عند المولى عز وجل، لما ضيعت لحظة واحدة في غير ذلك، صدقًا لم تكن لتنام، لأنه سيشغلك الوقت الضيق لرمضان، قال تعالى يحذرنا من ذلك: «أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ»، فحاول، أن تستغل هذه الأيام المعدودات القليلات فيما يفيد، وما يرفع من درجتك أنت، لا فيما يرفع من مكاسب غيرك، بينما أنت تزداد خسارة فوق خسارة!.
الشوق الكبير
على الجميع أن يعي تمامًا أن شهر القرآن تتوق له نفوس الصالحين، ويتحراه بكل اشتياق أصحاب الهمم العالية الذين يريدون الازدياد من الفضائل، فهو شهر مبارك يفتح الله فيه أبواب الخير، ويغلق فيه أبواب الشر، ويصفد فيه مردة الشياطين، ويقال فيه لباغي الخير أقبل، ولباغي الشر أقصر.
وكل هذا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعلمه عامة المسلمين وخاصتهم، ومن ثمّ على المؤمن الذي يرجو الله والدار الآخرة أن يستغل أوقات هذا الشهر المبارك في طاعة الله تعالى، وأن يتفرغ لذلك قدر استطاعته، فالكيس الحاذق يتحين الفرص، ويتربص الموسم حتى لا يخسر في مواطن الربح، ومما يعين كذلك على حسن استغلال رمضان وعدم اختطافه من إبليس وأعوانه، اعتماد خطة واضحة لرمضان تحدد فيها مقدار صلاة النوافل الراتبة وصلاة الضحى والنفل المطلق وكثرة الدعاء والذكر واستغلال أوقات الإجابة والصدقة وعمل الخير.
اقرأ أيضا:
10 وصايا نبوية تضمن لك الصلاح والاستقامة والسعادة في الدنيا والآخرةاغتنام رمضان
أما عن كيفية اغتنام رمضان، فعلى المسلم أولا الاستعانة بالله سبحانه وتعالى وحده، وصدق التوجه إليه، وتجديد التوبة النصوح إليه سبحانه وتعالى، ثم تنظيم الوقت وتقسيمه بشكل دقيق ومحكم بحيث يجعل جزءًا منه لتدبير شؤون معاشه التي لا بد له منها، وجزءًا آخر لأوراده اليومية وأذكاره الصباحية والمسائية، فإن ذلك مما يحفظ على المرء وقته بإذن الله تعالى، وجزءًا منه لنوافل عبادته الأخرى من صلاة وذكر ودعاء وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
كما أنه على المسلم أن يمعن النظر في حديث الله تعالى في كتابه العزيز عن هذا الشهر المبارك، «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ»، وعن العبادة التي شرعها فيه، وما خصه الله تعالى به من الفضائل، مما يدل دلالة جلية على عظم قدره عنده سبحانه وتعالى وعلو شأنه، فقد اختاره طرفًا لإنزال القرآن، وحصول الكثير من الأحداث العظام التي غيرت وجه التاريخ، كوقعة بدر الكبرى، والفتح الأكبر فتح مكة.