يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا»، فمن أصعب ما يمكن أن يواجهه الإنسان في حياته، هو أن تمر حياته سدى، دون هدف واضح، ودون أن ينفذ ما خلق لأجله.
لذلك من أهم الأدعية التي نحن بحاجة إليها، خصوصًا في شهر رمضان المبارك، أن نسأل الله عز وجل ألا يُذهب أعمارنا سُدى، وألا نتخبط بين الطرقات حائرين لا ندري أين الصواب، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ يقول: «لَقَلْبُ ابن آدم أشدُّ تقلباً من القدر إذا استجمعت غلَيانا»، وإذا كان الأمر كذلك فما أحوجنا إلى الإلحاح على الله، والتضرع بين يديه، بأن يوفقنا للإخلاص في أعمالنا وأقوالنا، ويجنبنا الرياء والسمعة في جميع أعمالنا، حتى لا يضيع عمرنا هباءً.
اتباع الهوى
للأسف الشديد كثير منا يتبع هواه، واتباع الهوى ليس له أي نتيجة، سوى ضياع العمر هباءً، دون هدف واضح، فيتصور الإنسان أنه ناجح وما هو بناجح، ويتصور أنه يحقق كل ما يفيد، بينما لا يحقق سوى الفشل، ولا ينتقل إلا من فشل لفشل، ولا يفيق إلا إذا بلغت الروح الحلقوم، غير أن الرجاء حينذاك ينقطع ولا ينفع، فيردى المسكين في الهاوية، أعاذنا الله من ذلك.
قال تعالى: « فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى » (طه: 16)، فتجد المرء من هؤلاء الصنف من الناس، الذين يسيرون تبعًا لأهوائهم يفعل ما أحبه وأمره به هواه، ويتجنب ما كرهه وعنه نهاه، فيَضيع عليه وقت كثير في غير طاعة الله، وهو لا يشعر بذلك.
اقرأ أيضا:
بشريات كثيرة لمن مات له طفل صغير.. تعرف عليهاطول الأمل
إياك أن يغرك الأمل، فتسير خلفه دون فهم أو هدف، فتكون النتيجة ضياع كل شيء، وخسران كل شيء، فطول الأمل يضيع ساعات عمر الإنسان النفيسة في اللهث وراء الأحلام الزائفة، حتى يأتي الأجل الذي يقطع هذه الآمال، وتذهب نفس الإنسان حسرات على ما فرط في عمره، وأضاع من وقته، ذلك أن طول الأمل يدفع الإنسان إلى التكاسل في فعل الطاعات، والانغماس في الشهوات والملذات، وتسويف التوبة، والرغبة في الدنيا وتمكنها من القلب وفتكها به، ونسيان للآخرة، وإهمال العمل والاستعداد لها.
وفي ذلك يقول الإمام علي رضي الله عنه : «إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل ، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة»، فيما يقول ابن مسعود رضي الله عنه : «لا يطولن عليكم الأمد ولا يلهينكم الأمل، فإن كل ما هو آت قريب، ألا وإن البعيد ليس آتيا».