في رمضان، تكون البيوت كلها عامرة بذكر الله عز وجل، وبقراءة القرآن، فضلاً عن الصيام، لكن هناك أمرًا يفعله غالبية الناس، وهم لا يدرون أنه بالفعل من أهم أسباب عمار البيوت في رمضان، وهو التجمع والزيارات والألفة بين الناس، فترى طبقًا مليئًا بما لذ وطاب يطوف بين البيوت، كل بيت يضع فيه أفضل ما عنده، وهكذا، كأن المنطقة كلها تأكل من كل طعام البيوت مرة واحدة.
بالإضافة للعزومات، فالإسراف فيها وإن كان غير محبب، لكن التجمع على ذكر الله وقت الإفطار، لاشك من أعظم الأمور على الإطلاق طوال الشهر، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال لها: «صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار، يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار».
فضائل في رمضان
إذن صلة الرحم وحسن الجوار، ومنها تبادل الطعام في رمضان، يزيدان في العمر، ومن أهم أسباب إعمار البيوت، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أخبرني بعمل يدخلني الجنة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « تعبد الله، ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم».
كما أنه سبحانه عظم قدر الأرحام فقال تعالى : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً » (النساء:1)، وقال سبحانه وتعالى : « فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ» (محمد:23).
فشهر رمضان يقوى صلة الرحم ويزيد فى الرزق وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن قطيعة الرحم وشدد على الصلة، لأن صلة الرحم من الإيمان بالله واليوم الآخر فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه».
اقرأ أيضا:
بشريات كثيرة لمن مات له طفل صغير.. تعرف عليهاأيام مباركة
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن أيام رمضان، إنما هي مباركة، لما تحمله من نسائم الرحمة والمغفرة والبركة المتواصلة طوال أيامه ولياليه، ومن ثمّ فإن صلة الرحم من أهم سماته، ولمّ لا وهي خلق إسلامي رفيع، دعا إليه الإسلام وحض عليه، فهو يربي المسلم على الإحسان إلى الأقارب وصلتهم، وإيصال الخير إليهم ، ودفع الشر عنهم، يقول الله تعالى في ذلك: « وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى ».
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ : هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ ، قَالَ : نَعَمْ ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ ، قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ فَهُوَ لَكِ »، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : « فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ »، وكأنا البديل عن صلة الرحم وإعمار البيوت، هو الفساد في الأرض، والأمر لك عزيزي المسلم أن تختار بينهما.