حين تصل لمدى عجزك.. تظهر قدرة الله، وتنقذك مما أنت فيه، فقد جرت سُنة الله في الشدائد أن يجعل أبواب خلاصها من حيث لا يحتسب العبد، والله يُشهد عبده مدى عجزه، فإذا كشف عنه البلاء أشهده كمال قدرته.
لذلك كان من دعاء الصالحين: «اللهم أرنا كمال قدرتك في كشف البلاء يا أرحم الراحمين»، فالبلاء يُدفع بالدعاء والصدقة والاستغفار والتوبة، وفي ذلك يقول العلماء: «الدعاء سبب يدفع البلاء فإذا كان أقوى منه دفعه، وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه».
ولهذا لجأ نبي الله أيوب عليه السلام في بلواه وضره إلى الله سبحانه وتعالى فكشف ذلك عنه، قال الله تعالى: «وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ» (الأنبياء:43-84).
العلاقة مع الله
اجعل العلاقة بينك وبين الله عز وجل تبادلية، إذ أنه يقول في كتابه الكريم: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ»، هكذا حدد شرطه سبحانه، أن تذكره، فيذكرك، فتكون النتيجة رفع البلاء من فوره.
هناك أربعة أعمال ينبغي علينا الحرص عليها عند نزول البلاء، أولها الذكر، لقوله تعالى: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ»، و« لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ »، ونحن كلما نقرأ القرآن يؤول أمرنا إلى الذكر، فعلينا أن ننخلع من النسيان والغفلة وندخل في دائرة الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات حتى يخفف الله عنا وعن الأمة البلاء، وثانيًا الشكر، لقوله تعالى: «وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ»، قال تعالى: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ »، أي أن الكفر بالنعم وعدم الشكر عليها يُنزل البلاء.
اقرأ أيضا:
هذا ما تفعله العجلة في الإنسان عبر رحلة إعمار الأرض.. بين الخير والشر.. والغضب والشهوةرفع البلاء
السبب الثالث لرفع البلاء هو بالصلاة، أي الوقوف بين يدي الله، لاسيما ليلا والناس نيام، وتسأل الله من فضله، وأن يرزقك رفع البلاء، قال تعالى يؤكد ذلك: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ»، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا حزبه أمر ضايقه أو أهمه فزع إلى الصلاة، ويقول صلى الله عليه وسلم: «الصلاة خير موضوع».
أما السبب الرابع فهو الصبر، إذ يقول المولى سبحانه وتعالى: «الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ».. فهل هناك أفضل من هذا؟.. صلوات الله تنزل على القلب الصابر عندما يسلم ويرضى، لذلك يقول الحق تبارك وتعالى: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ».