أكثر ما يردد العبد، وينطلق على لسانه، لفظ (بسم الله) أو (باسم الله)، ولكن كثيرًا من الناس لا يعرف معنى هذه الجملة العظيمة، فـ ﴿بِسْمِ اللّهِ﴾؛ (اسم) إما من السمو أو العلو واسم الإنسان أسمى ما فيه، أو من السمة أي علامة ووصف، و(الله)؛ لفظ الجلالة الدال على الله، والجامع لكل الأسماء والصفات.
فبسم الله الرحمن الرحيم يقولها القارئ والكاتب ونحوهما، ومعنى ذلك منهم، بسم الله أقرأ، أو بسم الله أكتب، أو أنا قارئ بسم الله، أو أنا كاتب بسم الله، أو في أمور أخرى مثل بداية الطريق، فتكون معناها باسم الله ابدأ، أو باسم الله كتوكل عليه سبحانه في الأمور كلها، ومن ثمّ فإن المسلم عندما يقولها فإنما يتوسل بأسماء الله تعالى المذكورة وهي: الله الرحمن الرحيم.. فيتوسل إلى الله بأسمائه أن يعينه ويوفقه فيما ذكر اسم الله في أوله.
من القرآن
جميع العلماء اتفقوا على أن «بسم الله الرحمن الرحيم» من القرآن في قوله تعالى: «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»(النمل:30)، وقد روى أبو داود عن الشعبي، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لم يكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) حتى نزلت سورة النمل.
بينما يتفق بعض العلماء أيضًا على أن بسم الله الرحمن الرحيم من سورة الفاتحة، بينما يرفض الحنفية اعتبارها من الفاتحة، واستدل الحنفية لمذهبهم بأدلة، أهمها، أنه لو كانت البسملة من السور ومن فاتحة الكتاب لعرفته الكافة بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم أنها منها، كما عرفت مواضع سائر الآي من سورها، ولم يختلف فيها، ذلك أن هذا هو النقل الثابت المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الأمان
أيضًا لجوء المسلمين عامة إلى استخدام لفظ بسم الله الرحمن الرحيم، إنما لأن بها الأمان الكامل. عن ابن عباس - رضي الله عنه -: إني سألت عليًا - رضي الله عنه -: لِمَ لَمْ تُكتَب البسملة أوَّل (براءة)، فقال: «لأن بسم الله أمان، وبراءة ليس فيها أمان؛ لأنَّها نزلت بالسيف، ولا تناسُبَ بين الأمان والسيف».
ولذلك تستحب البسملة في كل موضع يعمل فيه عمل مباح أو مشروع، كما ورد في قوله تعالى: « فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ » (الأنعام: 118)، وقوله تعالى أيضًا: « وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ » (هود: 41)، لأنها تمنح الأمان لقارئها أو مرددها بشكل لا يمكن تخيله.