أخبار

كيف تحافظ على شباب عقلك؟.. تعرف على الطريقة الصحية

أخطأوا في حقك وجاؤوا معتذرين.. ماذا يجب عليك؟

لهذه الأسباب.. الإفتاء: عبارة "اللي عايزه ربنا يكون" حرام شرعًا

ابتلاءات لم يصبر عليها إلا إبراهيم.. كيف ضرب "الخليل" المثل في الرضا بها؟

ابتعد عن هذا الذنب حتى لا يتبرأ منك النبي يوم القيامة

كيف تتعامل مع إيذاءات وتجريح البشر؟ ..اسمع الاجابة من دكتور عمرو خالد

تفاصيل مقتل الإمام علي: رشوة ضخمة لقتله..وهذا مصير قاتله

أصحاب السبت تحايلوا على أمر الله.. فماذا كان مصيرهم؟

قتيل الوحوش واللسان.. هل تعرف مصير القتيلين؟

ثلاثة أبواب احذر أن تدخلها حتى لا يكون مصيرك النار

"خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا".. تخلوا عن نفاقهم واعترفوا بذنبهم فهل هذا يعتبر توبة أم لا؟ (الشعراوي يجيب)

بقلم | فريق التحرير | الاحد 01 سبتمبر 2024 - 07:18 ص

{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 102].


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


وقوله الحق: { وَآخَرُونَ } معطوفة على قوله: { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ } ، فهل يظلون جميعاً على النفاق، أم أن منهم من يثوب إلى رشده؛ ليجد أن موقفه مخز حتى أمام نفسه؟ لأن أول ما ينحط المنافق إنما ينحظ أمام نفسه؛ لأنه نافق ولم يقدر على المواجهة، واعتبر نفسه دون من يواجهه؛ فيحتقر نفسه، ولا بد أن منهم من يأنف من هذا الموقف، ويرغب في حسم المسـألة: إما أن يؤمن وإما أن يكفر، ثم يرجح الإيمان، ويتخلص من النفاق؛ بأن يعترف بذنوبه.

الإقرار بالذنب 


وبذلك يصبح ممن يقول الحق عنهم: { وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ } أي: ممن لم يُصرّوا على النفاق، واعترفوا بذنوبهم، والاعتراف لون من الإقرار. والإقرار بالذنب أنواع، فهناك من يقر بالذنب إفاقة، وآخر يقر الذنب في صفاقة، مثلما تقول لواحد: هل ضربت فلاناً؟ فيقول: نعم ضربته، أي أنه اعترف بذنبه، وقد يضيف: وسأضرب من يدافع عنه أيضاً، وهذا اعتراف فيه صفاقة.

أما من يعترف اعتراف إفاقة، فهو يقر بأنه ارتكب الذنب ويطلب الصفح عنه، وهذا هو الاعتراف المقبول عند الله. وهم قد { ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ } اعتراف إفاقة، بدليل أن الله قال فيهم: { خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً } وعملهم الصالح هنا هو إقرارهم بالذنب ومعرفتهم أن فضيحة الدنيا أهون من فضيحة الآخرة، أما عملهم السيء فهو التخلف عن الجهاد والإنفاق.

واعترافهم هذا هو اعتراف الإفاقة، واختلف العلماء: هل هذا الاعتراف يعتبر توبة أم لا؟

نقول: إن الحق سبحانه وتعالى حينما قال: { ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً } ثم قوله: { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي: رجاء أن يتوب عليهم، وهذه مقدمات توبة وليست توبة، فإن صاحبها الندم على ما مضى، والإصرار على عدم العودة في المستقبل فيُنظر هل هذا كان منه مخافة أن يُفضح أم موافقة لمنهج الله؟

إن كان الأمر موافقة لمنهج الله فتكون التوبة مرجوَّة لهم.

الخلط بين العمل الصالح والعمل السَّيِّئ


وكلمة { خَلَطُواْ } تؤدي معنى جمع شيئين كانا متفرقين، وجمع الشيئين أو الأشياء التي كانت متفرقة له صورتان؛ الصورة الأولى: أن يجمعهم على هيئة الافتراق، كأن تأتي بالأشياء التي لا تمتزج ببعضها مثل: الحمص واللب والفول، وتخلط بعضها ببعض في وعاء واحد، لكن يظل كل منها على هيئة الانفصال، فأنت لم تدخل حبة اللب في حبة الحمص، ولم يتكون منهما شيء واحد؛ لأنه لو حدث هذا لصار مزيجاً لا خلطاً، مثلما تخلط الشاي باللبن؛ لأنك بعد أن تجمعهما يصيران شيئاً واحداً، بحيث لا تستطيع أن تفصل هذا عن ذاك.

إذن: فهم حين خطلوا العمل الصالح والعمل السَّيِّئ، لم يجعلوا من العمل الصالح والعمل السَّيِّئ مزيجاً واحداً.لكن العمل الصالح ظل صالحاً، والعمل الفاسد ظل فاسداً.

وقوله سبحانه: { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } كلمة { عَسَى } معناها الرجاء وهو ترجيح حصول الخير. وهو لون من توقع حصول شيء محبوب. والرجاء يخالف التمني؛ لأن التمني هو أن تحب شيئاً وتتمنى أن يكون موجوداً، لكنه لا يأتي أبداً، مثل قول الشاعر:
ألا لَيْتَ الشَّبابَ يَعُودُ يَوْماً فَأخبِرُه بِمَا فعلَ المشِيبُ
إنه قد تمنى أن يعود شبابه، وهذا دليل على أن فترة الشباب محبوبة، لكن ذلك لا يحدث. إذن: فإظهار الشيء المحبوب له لونان: لون يتأتى، ولون لا يتأتى، فالذي يتأتى اسمه (رجاء)، والذي لا يتأتى نسميه (التمني)، مثل قول الشاعر:
لَيْتَ الكَوَاكِب تَدْنُو لِي فَأنظِمَهَا عُقُودَ مَدْحٍ فما أرضَى لَكُمْ كَلَما
فالشاعر يتمنى حدوث ذلك، ولكنه لن يحدث. أما الرجاء فهو أمل يمكن أن يحدث، والرجاء له منازل ومراحل بالنسبة للنفس الإنسانية. فأنت عندما ترجو لواحد شيئاً فتقول: " عسى فلان أن يمنحك كذا " ، فأنت مُترَجٍّ، وهناك مترجّىً له، هو من تخاطبه، ومترجّىً منه، وهو من يعطي، فهذه ثلاثة عناصر.

لكن ألك ولاية على من يمنح؟ لا، لكن إن قلت: عسى أن أمنحك أنا كذا، فأنت ترجو لواحد غيرك أن تمنحه أنت، وهذا أرجى أن يتحقق. وحين تقول: " عسى أن أمنحك " فقد تقولها في لحظة إرضاء للذي تتحدث معه. ثم قد يبلغك عنه شيء يغير من نفسك، أو جئت؛ لتعطيه، فلم تجد ما تعطيه له، هنا لم يتحقق الرجاء.

لكن عندما تقول: " عسى الله أن يمنحك " ، فأنت ترجو له من الله، وهو القادر على كل شيء ولا تؤثِّر فيه أغيار، أما إذا قال الله عن نفسه: " عسى الله أن يفعل " ، فهذا أقوى وسائل الرجاء.

أربع وسائل للرجاء


إذن: فنحن أمام أربع وسائل للرجاء. أن تقول: " عسى فلان أن يمنحك " أو أن تقول: " عسى أن أمنحك أنا " ، أو تقول: " عسى الله أن يمنحك " وقد يجيبني الله، أو لا يجيب دعائي، لكن حين يقول الحق: " عسى أن أفعل " فهذا هو اللون الرابع من ألوان الرجاء، وقالوا: الرجاء من الله إيجاب.

{ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } ، فهذا رجاء أن يتوب الله عليهم، أما توبة العبد فمسألة تقتضي الندم على ما فات، والرجوع إلى منهج الله، والعزم ألا يغضب الله في المستقبل. أما توبة الله فهي تضم أنواع التوبة، فتشريع الله للتوبة رحمة بمن ارتكب الذنب، ورحمة بالناس الذين وقع عليهم السلوك الذي استوجب التوبة. فإن تُبْتُ؛ فقبول التوبة رحمة ثانية، فلو لم يشرع الله التوبة لاستشرى كل من ارتكب ذنباً واصطلى المجتمع بشروره. لكن حين يشرع الله التوبة؛ فهناك أمل أن يرجع العبد إلى الله، ويتخلص المجتمع من إمكانية عودته للذنب، وانتهى هو من أن يوقع مصائب بغيره.فإذا قَبِلَ الله التوبة، يقال: " تاب الله على فلان " ، فلله إذن أكثر من توبة، ولذلك حين تقرأ قوله الحق: { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ... } [التوبة: 118]

أي: شرع لهم التوبة؛ ليتوبوا، فإذا تابوا فسبحانه قابل التوب. إذن: فالتوبة ثلاث مراحل: تشريع للتوبة، ثم توبة واقعة، فقبول للتوبة. والتوبة رجوع عن شيء، وهي بالنسبة للعبد رجوع عن ذنب، وبالنسبة لله إن كان الذنب يستحق أن يعاقب الله به، فإذا تبت أنت، فالحق يعفو ويرجع عن العقوبة.

ويُنهي الحق الآية: { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }؛ لأن المغفرة بالنسبة للعبد صعبة، فإن سرق واحد منك شيئاً فهو يضرك، ويلحّ عليك حب الانتقام منه؛ لأن الضرر أتعبك، لكن أيُتْعبُ أحد ربه بالمعصية؟ لا؛ لأنك إن كنت قد أضررت بأحد فإنما أضررت بنفسك، ولم تضر الله سبحانه؛ لأنه سبحانه لا يلحقه ضرر بذنبك، وإنما الذنب لحقك أنت.

فحين يقول سبحانه: { غَفُورٌ } فهو غفور لك، و { رَّحِيمٌ } بك. والمصائب أو الكوارث نوعان؛ نوه للإنسان فيه غريم، ونوع يصيب الإنسان ولا غريم له. فإن مرض إنسان فليس له غريم في المرض، أما إذا سرق إنسان فاللص هو غريمه، ومصيبة الإنسان التي فيها غريم تدفع النفس إلى الانفعال برد العقوبة إليه، أما حين تكون المصيبة من غير غريم هي التي تحتاج لشدة إيمان، والحق يقول: { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [الشورى: 43]

هنا يؤكدها؛ لأن غريمه يلح عليه، فساعة يراه يتذكر ما فعله غريمه به، فتكون هناك إهاجة على الشر.

أما قوله سبحانه: { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [لقمان: 17]

فلم يؤكدها، فالمصيبة هنا من سيكون غريمه فيها؟ والذين اعترفوا بذنوبهم هم قوم تخلفوا بغير عذر، ثم جاءوا وقالوا: ليس لنا عذر، ولم يختلقوا أعذاراً؛ لأننا نعلم أن هناك أناساً لم يعتذروا، وأناساً آخرين اعتذروا بأعذار صادقة، وآخرين اعتذروا باعتذارات كاذبة، وهم قد { ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ } أي: أعلنوا أن اعتذاراتهم عن الغزوة لم تكن حقيقية وأنه لم يكن عندهم ما يبرر تخلفهم عن الغزو؛ فهؤلاء تاب الله عليهم في نفوسهم أولاً، ورسول الله لا يزال في الغزوة في تبوك التي تخلفوا عنها.

اقرأ أيضا:

ابتلاءات لم يصبر عليها إلا إبراهيم.. كيف ضرب "الخليل" المثل في الرضا بها؟

ماذا فعل المتخلفون عن غزوة تبوك؟


ثم عاد الرسول من الغزوة، ودخل المسجد كعادته حين يرجع إلى المدينة، وأول عمل كان يعمله بعد العودة هو أن يدخل المسجد، ويصلي فيه ركعتين. فوجد أناساً قد ربطوا أنفسهم بسواري المسجد وهي الأعمدة فسأل عن هؤلاء، فقالوا: هؤلاء قوم تخلفوا وكانت أعذارهم كاذبة كلنهم اعترفوا بذنوبهم، وقد عاهدوا الله ألا يحلوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تحلهم وترضى عنهم فقال صلى الله عليه وسلم: " وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى أؤمر بإطلاقهم؛ رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين ".فلما أنزل الله هذه الآية حلهم رسول الله ومنهم: أبو لبابة.

ولذلك من يذهب ليزور المدينة إن شاء الله، سيجد أسطوانة اسمها " أسطوانة أبي لبابة " وهو أول من ربط نفسه على الساري، وقلده الآخرون. وهذا يدلك على أن المؤمن حين تختمر في نفسه قضايا الإيمان فهو لا ينتظر أن يعاقب من الله، بل يبادر هو إلى أن يعاقب من الله، بل يبادر هو إلى أن يعاقب نفسه.

ومثال ذلك: المرأة التي زنت، والرجل الذي زنا، واعترفا لرسول الله ليرجمهما، ومعنى ذلك أنهما لم ينتظرا حتى يعذبهما الله، بل ذهب كل منهما بنفسه. ولذلك حين جاء سيدنا عمر، وكاد أن يركل جثة أحدهما قال الرسول: " دعها يا عمر فقد تابت توبة لو وزعت على أهل الأرض لو سعتهم ".

وكون أبي لبابة يربط نفسه بالسارية، فهذا يدل على أن المؤمن إذا اختمرت في نفسه قضية الإيمان، فإنه لا يترك نفسه إلى أن يلقاه الله بعذابه، بل يقول: لا، أنا أعذب نفسي كي أنجو من عذاب الله، فهو قد تيقن أن هناك عذاباًَ في الآخرة أقسى من هذا العذاب. فلما اعترفوا بذنوبهم وراجعوا أنفسهم متسائلين: ما الذي شغلنا عن الغزو، وجعلنا نعتذر بالكذب؟ وجدوا أنهم في أثناء غزوة تبوك وقد كانت في الحر، وفيه كانت تطيب جلسات العرب تحت الظلال وأن يأكلوا من التمر. فقالوا: والله، إن المال هو الذي شغلنا عن الغزو وجعلنا نرتكب هذا الذنب، ولا بد أن نتصدق به؛ لذلك قلنا: إن هذه لم تكن الصدقة الواجبة، بل هي صدقة الكفارة.

وهؤلاء قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: خذ هذا المال الذي شغلنا عن الجهاد، فلم يقبل حتى ينزل قول من الله، فأنزل الحق قوله: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً... }

الكلمات المفتاحية

ماذا فعل المتخلفون عن غزوة تبوك؟ الخلط بين العمل الصالح والعمل السَّيِّئ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ الشيخ محمد متولي الشعراوي

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ