القرآن الكريم كتاب الله لا تنتهي عجائبه أبدًا، فمهما قيلت فيه تفاسير فإنه يظل ملئان بالأسرار والعجائب التي لا يعلمها إلا الله وحده سبحانه وتعالى، ولمّ لا و هو معجزة الرسالة المحمدية الباقية، فكل معجزات الرسل السابقة لم نرها وكانت لمن حولهم، أما القرآن باقي محفوظ بأمر الله، قال سبحانه: « بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ » (العنكبوت: 49)، فمن التزم بما فيه من أوامر ونواهٍ، تسعده في دنياه، وتقربه من مولاه، وتسره في مثواه، وتنجيه في أخراه، قال تعالى: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» (الحجر 9)، ولحفظ الله إياه فقد بقي كما هو، لم يستطع كائن من كان تحريفه ولو حرفًا واحدًا، بل أن كل محاولة لتغيير حرف منه مقضي عليها بالفشل.
خير الذكر
ذكر الله جل وعلا، من العبادات الميسورة التي لا عناء فيها ولا تعَب، وتجيء للعبد في معظم أحواله، ومع سهولتها ويسرها فهي عظيمة الأجر، جليلة القدر.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مَليككم، وأرفعِها في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذَّهب والوَرِق، وخيرٍ لكم من أن تلقَوْا عدوَّكم فتَضرِبوا أعناقهم ويَضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذِكْر الله»، وليس هذا فحسب، بل إن الذِّكر من أكثر الأعمال نجاة من عذاب الله؛ فعن عبدالله بن عمرٍو رضي الله عنهما، عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «إنَّ لكل شيءٍ صَقالةً، وإن صَقالة القلوب ذكرُ الله عز وجل، وما من شيءٍ أنجى من عذاب الله من ذكر الله»، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد، إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع».
معجزات لا تنتهي
القرآن الكريم هو الكتاب الذي حيّر العلماء سواء كانوا مسلمين أو غير ذلك، لأنه يحمل معجزات تتكشف يومًا بعد يوم، فقد تحدى الله تعالى العرب على أن يأتوا بمثل القرآن الكريم على الرغم من بلاغتهم الشديدة وفصاحتهم.
قال تعالى: «قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً»، وهذه الآية جاءت بعد تحدي الله تعالى للعرب بأن يأتوا بعشر سور منه، ثم تحداهم بأن يأتوا بسورة واحدة فعجزوا عن ذلك، ولأنه يتضمن كل العجب وكل الإعجاز، فترى الله يتحدى بأن يأتي من يريد بآية واحدة من مثله، قال تعالى: «قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا» (الإسراء: 88).