تخيل عزيزي المسلم، أن الله عز وجل هو الذي يخبرنا بمحبته لنا بشتى الصور، فهو يعلم الظاهر والباطن ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء فقال: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكم مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وملائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيجْتَمِعُونَ في صَلاةِ الصُّبْحِ وصلاةِ العصْرِ، ثُمَّ يعْرُجُ الَّذِينَ باتُوا فِيكم، فيسْأَلُهُمُ اللَّه وهُو أَعْلمُ بهِمْ: كَيفَ تَرَكتمْ عِبادِي؟ فَيقُولُونَ: تَركنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتيناهُمْ وهُمْ يُصلُّون».
كأنه سبحانه يقول للخلق: أنا أذكركم وأسأل عنكم في كل صباح وكل مساء، فهل تذكرونني؟، وهو القائل أيضًا: «إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضْلاً يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ...».
فقد خلق الله ملائكة مخصوصة تبحث عن الذاكرين، تجتمع عليهم تحفهم بأجنحتها حتى يملأون ما بين السماء والأرض؛ ليخبر سبحانه عباده الذاكرين أنه يحبهم ويراعيهم ويحفظهم ويعتني بهم.
حب الله
فإن أحبك الله عز وجل، يناديك باسمك بين أهل السماء، والدليل على ذلك، قول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانًا، فأحببه؛ فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا، فأحبوه؛ فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض».
ومن ثمّ فإنه لا يليق بالمسلم أن يتوانى في تحقيق وتحصيل محبة الله تعالى, فإن محبة الله أعظم من كل شيء، وهي أصل دين الإسلام، وبكمالها يكمل الإيمان، وبنقصانها ينقص، فعليك بسؤال الله أن يرزقك محبته، واسع في تحصيلها، وتذكر نعمه التي أسبغها عليك حتى تنمو تلك المحبة، وقد سأل النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم ربه فقال: «أسألك حبك, وحب من يحبك, وحب عمل يقربني إلى حبك».
اقرأ أيضا:
الإيثار.. إحساس بالآخرين وعطاء بلا حدودمعرفة الله
ومحبة الله عزيزي المسلم، يجب أن تأتي من خلال معرفته سبحانه حق المعرفة، وكثيرون هم من يحبهم الله عز وجل فاسع أن تكون أحدهم، فقد أخبر تعالى بمحبته للطائعين له في الحديث القدسي فقال: «ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه».
كما أخبر تعالى بمحبته للتوابين والمتطهرين فقال: « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ » (البقرة: 222)، كما أخبر عن محبته للصابرين فقال: « وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ » (آل عمران: 146)، وعن محبته للمتقين فقال: « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ » (التوبة: 4)، وعن محبته للمحسنين فقال: «وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»، وعن محبته للمتوكلين فقال: « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ » (آل عمران: 159)، فيما أخبر النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بمحبة الله للساعين في قضاء مصالح الناس وتفريج همومهم وكرباتهم فقال: « أحب الناس إلى الله، أنفعهم للناس».