التوكل على الله، هو ترك كل أمورك مهما كانت بيد الله عز وجل، فأنت تتركها من يد مجرد عبد لا يقدر على شيء، إلى يد الواحد القهار، وحينها فأنت إذن ترفع عنك كل همك وتتركه بيد القادر الوهاب، فتعيش في سعادة متناهية، لأنك توقن تمامًا أن الأمر كله بيد الله عز وجل، ومن ثمّ لا مجال لحمل أي هم، أو التفكير في الغد، فقط تصبر وتحمد، وهكذا هو دائمًا حال المؤمن الموقن في الله عز وجل.
عن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له».
فضل التوكل على الله
أن توقن في أن قدره الله لك سيكون، وما لم يقدره لك لن يكون أبدًا، فالتوكل على الله وتفويض الأمر إليه سبحانه، وتعلق القلوب به جل وعلا من أعظم الأسباب التي يتحقق بها المطلوب و يندفع بها المكروه، وتقضى الحاجات، وكلما تمكنت معاني التوكل من القلوب تحقق المقصود أتم تحقيق.
عن عـبد الله بن عـباس رضي الله عـنهما، قال: كنت خلف رسول الله صلي الله عـليه وسلم يـوما، فقال: « يـا غـلام! إني أعـلمك كــلمات: احـفـظ الله يـحـفـظـك، احـفـظ الله تجده تجاهـك، إذا سـألت فـاسأل الله، وإذا اسـتعـنت فـاسـتـعـن بالله، واعـلم أن الأمـة لـو اجـتمـعـت عـلى أن يـنـفـعـوك بشيء لم يـنـفـعـوك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله لك، وإن اجتمعـوا عـلى أن يـضـروك بشيء لـم يـضـروك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله عـلـيـك، رفـعـت الأقــلام، وجـفـت الـصـحـف».
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةقصص وعبر
وقصص الأنبياء عليهم جميعًا صلوات الله وسلامه، مليئة بالعبر التي تعلمنا أهمية التوكل وترك الأمر كله لله عز وجل، مع اليقين بأن النتيجة ستكون فوق كل ما نتخيل أو نتصور.
ففي قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام، لما قذف في النار روى أنه أتاه جبريل عليه السلام، يقول : ألك حاجة ؟ قال : "أما لك فلا و أما إلى الله فحسبي الله و نعم الوكيل"، فكانت النار برداً و سلاماً عليه ، ومن المعلوم أن جبريل كان بمقدوره أن يطفئ النار بطرف جناحه، ولكن ما تعلق قلب إبراهيم عليه السلام بمخلوق في جلب النفع ودفع الضر.
وهو الأمر ذاته ردده الصحابة الكرام يوم حمراء الأسد (صبيحة يوم أحد)، قال تعالى: « الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ » ( سورة آل عمران : 173 – 174 ).