توصلت دراسة حديثة إلى أن الشباب المصابين بالتوحد، أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط لديهم مخاطر أكبر للوفاة مبكرًا، نتيجة لمجموعة من الأسباب.

وجد الباحثون أنه قبل منتصف العمر، يواجه الأشخاص المصابون بالتوحد معدلات وفاة أعلى من المتوسط لأسباب "طبيعية"، مثل أمراض القلب، وأسباب "غير طبيعية"، من بينها الحوادث والانتحار.

وفي الوقت نفسه، يبدو أن الأسباب غير الطبيعية مسؤولة عن ارتفاع مخاطر الوفاة المبكرة بين الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

جاء ذلك استنادًا إلى نتائج من تحليل 27 دراسة منشورة. على الرغم من أنها ليست جديدة، لكن من خلال تجمعيها جميعًا معًا ترسم صورة متسقة، مفادها: الأشخاص المصابون بالتوحد، أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط غالبًا ما يموتون صغارًا لأسباب يمكن الوقاية منها.

صعوبة التحكم في حوادث الوفاة 

وقالت أليسيا هالاداي، كبيرة المسؤولين العلميين في مؤسسة علوم التوحد: "لا يمكننا منع كل أسباب الانتحار. لا يمكننا منع كل غرق. لكن بعض هذه الوفيات يمكن تفاديها".

وأكدت هالاداي، التي لم تشارك في البحث، أن لا أحد يلوم الوالدين. وتابعت: "أرى هذا على أنه دعوة للعمل من أجل المجتمع، بما في ذلك مقدمي الرعاية الصحية".

اظهار أخبار متعلقة

وكتب عالِم النفس راسل باركلي من جامعة فرجينيا كومنولث وجيرالدين داوسون من جامعة ديوك في الافتتاحية المصاحبة للتقرير، التي نُشرت مؤخرًا على الإنترنت في دورية "جاما لطب الأطفال"، "إن الرسالة المستلمة ليست دقيقة، لكنها واضحة ومباشرة وواعية".

وأضافا إن هناك المزيد مما يتعين القيام به لمعالجة الأسباب التي تجعل الشباب المصابين بالتوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يواجهون مخاطر وفاة أعلى. تتراوح الأسباب لأسباب تتعلق بالصحة العقلية، مثل القلق، إلى عدم المشاركة الاجتماعية، إلى تعاطي المخدرات والاضطرابات، وسوء التغذية والسمنة.

والمعروف منذ فترة طويلة، أن الشباب المصابين بالتوحد معرضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بأسباب معينة للوفاة. ومن بينها حوادث الاصطدام بسيارة أو الغرق. (غالبًا ما ينجذب الأطفال المصابون بالتوحد إلى الماء). تعتبر النوبات القاتلة سببًا شائعًا آخر للوفاة، حيث يعاني الأشخاص المصابون بالتوحد بالصرع الأكثر حدة غالبًا.

الأسباب الطبيعية وغير الطبيعية للوفاة 

لكن في السنوات الأخيرة فقط، بحثت الدراسات السكانية الكبيرة في مجموعة من الأسباب الطبيعية وغير الطبيعية للوفاة بين الأشخاص المصابين بالتوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وفقًا لفيران كاتالا لوبيز، الباحث الرئيسي في التحليل الجديد.

على سبيل المثال، نظرت دراسة سويدية عام 2016 في أكثر من 27000 شخص مصاب بالتوحد و 2.7 مليون لا يعانون من هذا الاضطراب. في المتوسط، توفي المصابون بالتوحد قبل 16 عامًا، وزادت مخاطر الوفاة لأسباب تشمل أمراض القلب والسرطان والانتحار.

بين الأشخاص المصابين بالتوحد الخفيف، كان معدل الانتحار يقارب 10 أضعاف معدل الانتحار لدى عامة الناس. جمع التحليل الجديد هذه الدراسة، إلى جانب 26 دراسة أخرى، شملت 642 ألف شخص. واتبعت عشرات الدراسات هؤلاء الأفراد حتى سن الرشد، وفقًا لوكالة "يو بي آي".

وأشارت هالادي إلى أن الدراسات اختلفت من حيث الجودة، "لكن الحقيقة هي أنهم يظهرون جميعًا نمطًا ثابتًا".

في المتوسط، كان لدى الأشخاص المصابين بالتوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أكثر من ضعف معدل الوفيات بين عامة السكان. من بين المصابين بالتوحد، كانت هناك مخاطر متزايدة لأسباب طبيعية، مثل السرطان وأمراض الجهاز التنفسي، فضلاً عن الأسباب الخارجية مثل الحوادث وحالات الانتحار.

بالنسبة للشباب المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، كانت الأسباب الخارجية فقط أعلى من المتوسط.

وينطوي التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على مشاكل في التحكم في الانفعالات، و"ضعف التنظيم الذاتي" بشكل عام، كما كتب باركلي وداوسون.

ارتفاع معدل المشكلات الصحية 

ولدى الأشخاص الذين يعانون من أي من الحالتين معدلات مرتفعة من المشكلات الصحية، من بينها السمنة واضطرابات الأكل وتعاطي المخدرات والاضطرابات ونمط الحياة الخامل.

قالت هالاداي إن رعايتهم الصحية قد تكون غير موجودة أيضًا: قد لا يتحمل الأشخاص المصابون بالتوحد سحب الدم أو غيره من الإجراءات الطبية، على سبيل المثال، مما قد يؤخر التشخيص".

بالنسبة للآباء، يعد التواصل المستمر مع مقدمي الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية للطفل أمرًا أساسيًا، وفقًا لما ذكرته كاتالا لوبيز، العالمة في معهد الصحة كارلوس الثالث بمدريد.

واقترحت التحدث عن العلامات التحذيرية التي تشير إلى أن الطفل قد يعاني من مشاكل نفسية أو جسدية، والوقاية من الحوادث وأي مخاوف أخرى.

لكن "لا أحد يقول أن هذا سهل. عندما يكون الطفل مصابًا بالتوحد، فإن شعار "ابق متيقظًا" هو المانترا"، وفقًا لهالاداي، وهي والدة لطفل مصاب بهذا الاضطراب.

وقالت "أعتقد أن آباء الأطفال المصابين بالتوحد يجب أن يكونوا يقظين طوال حياتهم".