من أعظم الاختبارات التي يتعرض لها العبد في دنياه، هو أن يفتن في ولده، أو يموت ولده وهو على قيد الحياة، لكن مثل هؤلاء -إن صبروا- فإن لهم جنات وجزاء من رب العالمين لا يمكن حصره، فمن مات جنينها في أحشائها، ومن مات رضيعها أثناء الولادة ومن مات صغيرها وفلذة كبدها فلتبشر بما لا يمكن تخيله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أطفال المؤمنينَ في جبلٍ في الجنةِ يكفلُهم إبراهيمُ و سارَّةُ حتى يردَّهم إلى آبائِهم يومَ القيامةِ »، وهم أيضًا يشفعون لآبائهم يوم القيامة في دخول الجنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: يقال لهم: «ادخلوا الجنة فيقولون: حتى يدخل آباؤنا، فيقال: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم».
الصبر
إذن على المؤمن أن يصبر على فراق ابنه، وأن يعي تمامًا أن قضاء الله نافذ لا محالة، ففي الحديث الصحيح، أن نساء الصحابة قلن: يا رسول الله، غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً. فجعل لهن يوماً ووعظهن فيه فكان فيما قال: «ما من امرأة يموت لها ثلاثة أولادٍ لم يبلغوا الحلم إلا كانوا حجاباً لها من النار»، فقالت امرأة: واثنان يا رسول الله؟ قال: (واثنان)، قالت: ولو قلت واحد لقال واحد، لكن بكل تأكيد فإن هذا كله مشروط بالصبر والالتزام بأحكام الشرع عند فقدهم.
قال الله تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ» (الزمر/10)، ومن ثم فإنه هنيئًا لمن صبر، فله بشارات من الله؛ قال سبحانه: « وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ » (البقرة: 155 - 157).
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةالابتلاء
هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان، يمتحن فيها الإنسان بالمصائب والأقدار المؤلمة، ومن أعظم المصائب التي يصاب بها الإنسان مصيبة الموت وفقد الأحبة، ويشترك في هذه المصيبة المسلم والكافر، والبر والفاجر، ولكن شتان بين المؤمن والكافر، وفرق بين الصابر والساخط.
عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له».
أبشر أيها المبتلى إن صبرت واحتسبت الأجر؛ فأجر الصابرين بلا حساب؛ ألم يقل ربنا سبحانه: « إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ » (الزمر: 10).