جميعنا لاشك يتمنى لو يردد بضع كلمات تخترق السماء، فتصل إلى الله عز وجل، فيستجيب لها، ثم ينزلها علينا رحمات وقبول في الأرض، وتحقيق لكل أمل وأمنية مهما كانت.
فماذا لو علمنا أنه بالفعل هناك بضع كلمات بسيطة تستطيع تحقيق كل ذلك في ثواني معدودة، وهي (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فهي عبارة قليلة الكلمات، إلا أنها بالغة الأثر، وتريح النفس، وتعين على نوائب الحق، ولو عرف كل منا معناها لحلت مشكلاتنا، ولزالت همومنا، لذا حبب فقد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيها، وأهداها إلى أكثر من تسعة عشر صحابيًا، أوصاهم جميعاً بالإكثار منها، إذ اعتبرها مفتاح كل خير، ووصفها بأنها "كنز من كنوز الجنة"، و"باب" من أبوابها.
فضل لا حول ولا قوة إلا بالله
وأما عن فضل هذه المقولة فلها قصة عظيمة، إذ يروى أن عوف بن مالك الأشجعي ذهب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال له: يا رسول الله ، إن ابني مالكًا ذهب معك غازيًا في سبيل الله ولم يعد ، فماذا أصنع ؟ ، لقد عاد الجيش ولم يعد مالك ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : ( يا عوف ، أكثر أنت وزوجك من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله) ، فذهب الرجل إلى زوجته التي ذهب وحيدها ولم يعد، فقالت له: ماذا أعطاك رسول الله يا عوف؟ ، قال لها: أوصاني أنا وأنتِ بقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ، فماذا قالت المرأة المؤمنة الصابرة ؟ ، قالت: لقد صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وجلسا يذكران الله بقول: لا حول ولا قوة إلا بالله .
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائلالفرج العظيم
وتضيف القصة، أنه لما أقبل الليل بظلامه ، فجأة طُرِق الباب، وقام عوف ليفتح فإذا بابنه مالك قد عاد ، ووراءه رؤوس الأغنام ساقها غنيمة ، فسأله أبوه : ما هذا ؟ ، قال: إن القوم قد أخذوني وقيّدوني بالحديد وشدّوا وثاقي ، فلما جاء الليل حاولت الهروب فلم أستطع لضيق الحديد وثقله في يدي وقدمي وفجأة شعرت بحلقات الحديد تتّسع شيئًا فشيئًا حتى أخرجت منها يديّ وقدميّ ، وجئت إليكم بغنائم المشركين هذه ، فقال له عوف: يا بني ، إن المسافة بيننا وبين العدو طويلة ، فكيف قطعتها في ليلة واحدة ؟! ، فقال له ابنه مالك: يا أبت، والله عندما خرجت من السلاسل شعرت وكأن الملائكة تحملني على جناحيها، سبحان الله العظيم! ، وذهب عوف إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ليخبره ، وقبل أن يخبره قال له الرسول عليه الصلاة والسلام: أبشر يا عوف ، فقد أنزل الله في شأنك قرآنًا: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا.