مرحبًا بك يا عزيزي..
أحييك لاهتمامك بالأمر، مع أن الأمر فطري وغريزي وواجب، إلا أن عدم قيام الكثيرون من الآباء به بعد الطلاق، أصبح شائع، للأسف.
لاشك أن العلاقة الوالدية تختلف عن الزوجية ولا تنفصم بانفصامها، ولا تختفي، فستبقى والدًا لطفلتك بعد الطلاق، وحرصك هذا سيجعل دورك التربوي غير متراجع كما هو شائع بالنسبة للآباء المطلقين، وهذه هي المشكلة.
فبعد الطلاق، نظرًا لعدم وجود حرص من الأب ووعي ونضج كافيين، يتراجع دوره التربوي وتضعف علاقته بأولاده ، مع أنه من الممكن أن تبقى العلاقة بل وتقوى.
احرص يا عزيزي على عدم نشؤ جفاء مع ابنتك، وضع نفسك مكانها، وتخيل وضعها، وكن متعاطفًا معها، وتفهم احساسها بعدم الأمان، والضعف، وقلة الثقة بالنفس نتيجة عدم وجودك في حياتها، وبينك وبين نفسك اعترف بدورك في الطلاق، ومسئوليتك مهما كنت حريصًا على عدم الطلاق، فلكل شريك دور ومسئولية، وهذا الاعتراف بينك وبين نفسك سيشجعك على تحمل المسئولية وعدم التخلي عن ابنتك، وعدم تهديد أمانها النفسي أكثر مما حدث، ومن ثم عدم الحديث بشكل سيء عن والدتها، أو ذكر تفاصيل مؤسفة لحياتك معها، إلخ، فهذا يخصك وحدك.
تفهّم أنه لا أحد "يستمتع" بالانفصال عن أسرته، لذا "احترم" ألم ابنتك، وقدره، وتفهمه، وتواصل بكافة الطرق المباشرة وغير المباشرة، وبشكل عميق، غير سطحي، وفي مرحلة أخرى عندما تكبر اعتذر لها عما حدث لها من أذى بسبب الطلاق، واقبل منها كل شيء، وأولها ألمها، فلا تستهن به ولا تحقر منه، وأحرص على "تواصل فعال" معها، وجهًا لوجه، تواصلًا رحيمًا، واقبل رفضها لمقابلتك إن حصل، وإلتمس لها الأعذار، بلا توبيخ ولا تعنيف ولا لوم.
أنصت لطفلتك أكثر مما تتكلم، ومن المرجح أن لديها بعض المشاعر المكبوتة التي تتعامل معها في ما يتعلق بعلاقتكما، فأصغ لا للردّ، بل للفهم، والسماع، والمعرفة، واهتم بعلاج مشكلاتها، في كل النواحي، المادية، والجسدية، والنفسية.
وأخيرًا، اهتم برعاية نفسك، ففاقد الشيء لا يعطيه، ولا تتردد في اصطحاب ابنتك إلى متخصص نفسي ، مرشد أو معالج، إن وجدت أن هناك مشكلات نفسية لديها ليس بمقدورك حلها كأب، حتى لا تتأزم علاقتكما، ولا يمنعنك الزواج مرة أخرى عن ابنتك، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.