ارتبط العرب بالهند بعلاقات كثيرة قبل الإسلام.. تعرف عليها
بقلم |
محمد جمال حليم |
السبت 29 يناير 2022 - 06:40 م
يوضح د. عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية أن العرب كانوا قد عرفوا الهند قبل الإسلام، وأحبوها إلى حد أنهم اتخذوا منها اسماً لنسائهم ـ كما يذكر محمد يوسف الهندي ـ ويفصل الخليج العربي بلاد الهند هذه عن الجزيرة العربية ، ولهذا كان من الطبيعي أن يكون هذا المانع المائي هو أول حلقة اتصال بين العرب من ناحية، وبلاد الهند والسند من ناحية أخرى، وقد قامت العلاقات التجارية بين الجانبين منذ آلاف السنين قبل الميلاد ؛ فكانت قوافل العرب تأتي بتجاراتها إلى بلاد الهند؛ بل استقر بعض العرب في مناطقها الساحلية واندمجوا في أهلها، كما حمل العرب منتجات شبه القارة الهندية، وثمارها إلى بلادهم الأصلية.
وأضاف في بحثه عن الفتح الإسلامي للهند أن لما كانت تجارتهم عن طريق البحر كان من الطبيعي أن يُقتصر اتصالهم على الشواطئ والسواحل، ولا سيما الساحل الغربي والجنوبي.
قبل الهند قبل الإسلام:
وذكر " عويس" أن العرب قبل الإسلام عرفوا بعض قبائل الهند مثل الزط (جات) والميدا وهما قبيلتان من قبائل السند عرفتا بالغزو والتهور والشراسة فجندهما الفرس، وربما كثر احتكاكهما بالعرب حتى أننا نجد عبد الله بن مسعود يقول عن بعض من رآهم في صحبة الرسول : "رجال كأنهم الزط في أشعارهم وأجسامهم". مما يدل على أنهم كانوا معروفين لدى العرب تماماً في ذلك الوقت . وأشار إلى أنه قد كانت التجارة العربية مع الهند تسير براً من مصر والشام على ساحل البحر الأحمر إلى اليمن، ثم تبدأ الرحلة البحرية عن طريق حضرموت وعمان والبحرين إلى كراتشي، أو عن طريق المحيط الهندي إلى موانئ الهند، ولما جاء الإسلام استمرت صلة الهند قوية بالعرب، وهناك كلمات من اللغة الهندية موجودة في القرآن الكريم، وأقوال الرسول r مثل مسك وزنجبيل وكافور، وقد أهدى بعض ملوك الهند للرسول r جرة فيها زنجبيل فأطعم الرسول أصحابه منها.
التبادل التجاري بين العرب والهند:
وبيّن أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية أن نشاط العرب نشاط تجاري؛ ولهذا فإن لنا أن نتوقع أن يقتصر اتصالهم على السواحل الهندية التي كانوا يعرفونها جيداً، ويعرفون المدن الواقعة على الساحل الطويل لبحر العرب، كما كانوا ينطلقون من هذه البلاد إلى ما وراءها فيذهبون إلى خليج البنغال، وبلاد الملايو وجزر إندونيسيا. وقد بقيت بعض الموانئ الهندية ـ التي اشتهرت منذ العهد العربي ـ محتفظة بأسمائها حتى الآن؛ مثل ميناء تيز بإقليم مكران ، وميناء الديبل ببلاد السند ، وميناء (تهانة)، وكهمبانت ، وسوبارة ، وجيجو في إقليم كجرات ببلاد الهند ، ومن هذه الموانئ كانت سفن التجار العرب تتجه إلى ميناء البنغال وموانئ الجذر الهندية وميناء القامرون (كامروب) ، وتستمر في سيرها حتى تصل إلى بلاد الصين ، وقد ذكر الجغرافيون العرب هذه الموانئ ووصفوها في كتبهم .
وصف الهند:
وفكرة العرب عن الهند أنها بلاد وافرة الغنى والثراء "بحرها در ، وجبالها ياقوت ، وشجرها عطر" ، وقد استورد العرب من الهند الأقمشة والعاج ، والذهب ، والفضة ، والعملات الذهبية، وأنواع التوابل ، والسكر ، والأرز ، والمسك ، وجوز الهند ، وغيرها . "وقد تبارز المقاتلون بسيوف الهند البتارة ، وتعطرت النساء بعطورها ، ورفلن في حريرها ، وازين بلآلئها ، وازدحمت الجموع حول الملاعب ليشاهدوا نمور الهند وفيلها في المعترك". وصدر العرب لبلاد الهند الجلد المصبوغ، والدقيق ، وتمر البصرة ، وخمرة العراق ، والزمرد من مصر ، والخيول العربية الأصيلة ، والعود الذي كان يستخدم في المعابد السندية إلى غير ذلك ... ـ كما يقول الدكتور الساداتي ـ . وقد أقام بعض التجار العرب في الموانئ والمدن الساحلية الهندية ، واستوطنت جاليات عربية هناك قبل الفتح الإسلامي لهذه البلاد ، كذلك كان هناك هنود أقاموا بين العرب، وأخذوا عنهم لغاتهم ، وتعلموا لسانهم، وعرفوا بينهم، واشتهروا بألقابهم مثل الزط والميدا والتكاكرة ...