حث الإسلام على إطعام الطعام، سواء أكان من الأغنياء إلى الفقراء، أم من كرم الضيافة، وجعل إطعام الطعام فريضة على كل إنسان مؤمن بالله.
قال تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوه إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الحاقةٍ].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: « أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِيسَلاَمٍ».
بل أن النبي صلى الله عليه وسلم كشف أنه إذا جاع جائع وله جار شبعان فهو لم يؤمن بما أنزل عليه صلى الله عليه وسلم، فقد روى عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به".
وكان النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر ابن جُدعان، يتهلل وجهه فرحًا لما كان يفعله ذلك الجاهلي من ضيافة الحجيج، فإن مكارم الأخلاق محمودة حتى ولو خرجت من المشرك فما بالك لو كانت من المؤمن، ولذلك نراه أوصى بإكرام الضيف وعده من علامات الإيمان فقال: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"، رواه البخاري.
فإطعام الطعام سواء كان صدقة للفقير أو إكرامًا للضيف أو إطعامًا للأسير، فهو في كل الحالات لوجه الله سبحانه وتعالى، كما أثنى الله تعالى على قوم بكريم الخصال التي جعل جزاءهم عليها الجنة فقال سبحانه وتعالى: « وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا » (الإنسان: 8 - 12).
فبعض الناس من المؤسف أن تراهم في الأزمات وأثناء البلاء وانتشار الجوع، يتناقلون بعض الأمثال التي تنافي ما جاءت به شريعة الإسلام، وسماحته، ورأفته، فيقولون على سبيل المثال: " اللي يحتاجه البيت يتحرم على الجامع"، وهو أشبه ما يكون بحالة من الخروج على الإسلام، وأهله، فينسلخ أصحاب هذه المقولات من شريعتهم وإخوانهم، فحق عليهم قول الله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الماعون].
{وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الفجر].
ويقوةل تعالى {إِنه كان لا يُؤمن بالله العظيم ولا يَحُضُّ على طعام المسكين} هذا تعليل لاستحقاق العذاب، وفيه دلالة أنَّ أقبح العقائد الكفر، وأشنع الرذائل البخل وقسوة القلب، وفيه أيضًا إشارة إلى أنه كان لا يؤمن بالبعث، لأنَّ إطعام المساكين إنما يرجى جزاؤه يوم القيامة، فإذا لم يؤمن بالبعث لم يكن له ما يحمله على إطعامهم، وفيه دليل على عِظم جُرم حرمان المساكين؛ لأنّه عطفه على الكفر، وجعله دليلًا عليه وقرينَه.
لذلك كان أبو الدرداء رضي الله عنه يحضّ امرأته على تكثير المرق لأجل المساكين، ويقول: خلَعْنا نصفَ السلسلة بالإيمان، فلنخلع نصفها بهذا، أي: الصدقة.
فأول ما نزل من القرآن الكريم سورة العلق، وأما أول سورة نزلت كاملة فهي سورة المدثر وفيها قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ}.
فالإطعام ليس تفضلا من الإنسان له الخيار أن يفعله أو لا يفعله، لكن إطعام المسكين هو واجب وفرض وبوابة للهروب من سخط الله وعقابه لنيل رضاه.
فمن أسباب دخول المجرمين النار عدم إطعامهم المساكين قال تعالى :{إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ}..[ المدثر].
وفي قول الله تعالى {كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}،الفجر.
اقرأ أيضا:
عبد الله مخلصا 500عام وقذف في النار .. هذا هو السبب .. اللهم ادخلنا الجنة بفضلك وليس بعدلك