قصة تفضح جرأتنا.. لماذا نخجل من الناس ولا نخجل من الله؟
بقلم |
أنس محمد |
الجمعة 21 يونيو 2024 - 12:00 م
هل سألت نفسك يومًا لماذا تعبد الله؟، هل حاسبت نفسك وأنت تضع رأسك على وسادتك وقمت بإجراء تقييم للعلاقة بينك وبين الله، هل تستحي من الله في أفعالك، وتعبده حبًا وشوقًا له، أم تعبده خوفًا من عقابه، وطمعًا في جنته؟.
إذا سألت نفسك يومًا هذه الأسئلة، وتريد تقييمًا حقيقيًا للعلاقة بينك وبين الله عز وجل، انظر إلى نفسك حينما تستتر من الخلق والزملاء في العمل من فعل شيء يكرهونه منك، بل انظر إلى نفسك وأنت تقف أمام مديرك وقد اخطأت خطأ في العمل قد يكون خطأ عاديًا، بل انظر إلى نفسك وأنت تأكل على عربة الفول ومرت زميلتك من أمامك، فوجدت نفسك تختبئ من عينيها، وكأنك تفعل حرامًا لمجرد أنك تأكل الطعام في الشارع، بل هل رأيت نفسك وأنت تختبئ يومًا من ذنب فعلته خشيت أن يطلع عليه الناس.
حينما تجد الإجابة وتستشعر خجلك ومقدار حيائك من الناس لمجرد هذه الأفعال التي يحرم بعضها ويحل بعضها، ومع ذلك وجدت نفسك وأنت ترتعد فرائصك خجلاً من البشر، قارن بين حالك وخجلك مع الناس وبين خجلك مع الله؟.
بالرغم من علمك بأن الله عز وجل يراك في أفعالك ويراقبك، ولكنك لا تتهيأ للمعصية إلا مع الله، فالمعية الإلهية لا تنقطع عن عباده فهو يراهم ويراقبهم، في حركاتهم وسكناتهم، ولهوهم وجده من ومع ذلك فأنت لا تجرؤ أن تقوم بأي فعل تشعر من خلاله أنه ربما لا ينال استحسان الناس على فعله، ولكنك قد تفعل الموبقات دون خجل من الله وأنت تعلم انه يراك.
هل سألت نفسك يوما كيف تقف أمام الله يوم القيامة، وكيف حالك إذا نظر الله لك؟ وقد أصبحت من الخائنين الذين سترهم في الدنيا وقابلوا عظيم إحسانه وستره ونعمه بالإصرار على معصيته.
حكاية المجنون
مر مجنون على عابد يناجي ربه وهو يبكي والدموع منهمرة على خديه وهو يقول: ربي لا تدخلني النار، فارحمني وأرفق بي، يا رحيم يا رحمن لا تعذبني بالنار، إني ضعيف فلا قوة لي على تحمل النار فارحمني.
قال المجنون: كلامك أضحكني.. فردَّ العابد: وماذا يضحكك فيه ؟ فقال المجنون: لأنك تبكي خوفًا من النار.
قال العابد: وأنت ألا تخاف من النار ؟؟ قال المجنون : لا، لا أخاف من النار.
ضحك العابد وقال: صحيح أنك مجنون.
فقال المجنون : كيف تخاف من النار أيها العابد وعندك رب رحيم، رحمته وسعت كل شيء ؟.
قال العابد : إن عليَّ ذنوبًا لو يؤاخذني الله بعدله لأدخلني النار، وإني أبكي كي يرحمني ويغفر لي ولا يحاسبني بعدله بل بفضله ولطفه، ورحمته حتى لا أدخل النار ؟؟.
هنالك ضحك المجنون بصوت أعلى من المرة السابقة.
فانزعج العابد وقال: ما يضحكك ؟؟.. فقال: أيها العابد عندك ربٌّ عادلٌ لا يجور وتخاف عدله ؟ عندك ربٌّ غفورٌ رحيمٌ تواب، وتخاف ناره ؟؟
قال العابد: ألا تخاف من الله أيها المجنون ؟؟
قال المجنون: بلى إني أخاف الله ولكن خوفي ليس من ناره
تعجب العابد وقال: إذا لم يكن من ناره فمِمَّ خوفك؟
قال المجنون: إني أخاف من مواجهة ربي وسؤاله لي، لماذا يا عبدي عصيتني ؟؟
فإن كنت من أهل النار فأتمنى أن يدخلني النار من غير أن يسألني، فعذاب النار أهون عندي من سؤاله سبحانه، فأنا لا أستطيع أن أنظر إليه بعين خائنة، وأجيبه بلسان كاذب.
وأضاف المجنون: أيها العابد إن ربي لن يدخلني النار أتدري لماذا؟
قال العابد: لماذا يا مجنون ؟
فردَّ عليه: لأني عبدته حبًّا وشوقًا، وأنت يا عابد عبدته خوفًا وطمعًا، وظني به أفضل من ظنك، ورجائي منه أفضلُ من رجائك، فكُن أيها العابد لما لا ترجو أفضل مما ترجو، فموسى عليه السلام ذهب لإحضار جذوة من النار ليتدفأ بها فرجع بالنبوة.
متى تكن حسن الظن بالله؟
1/ عند المصائب وغلبة الديون، وضيق العيش، جاء في الحديث: [من نزلت به فاقة فأنزلها بالله يوشك الله له برزق عاجل أو آجل](رواه أبو داود والترمذي والحاكم).
2/ عند الدعاء، ففي الحديث الشريف "لن يهلك مع الدعاء أحد" وجاء في حديث آخر "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة" رواه الترمذي.
3/ عند التوبة:
متى تكن حييا من الله؟
أعظم الحياء وأولاه بالعناية الحياء من الله تبارك وتعالى، ويتحقق الحياء من الله عز وجل حينما يتحقق في قلبك الإيمان، ويقينك بأن الله يراك أينما تكون، ولا تخفى عليه منك خافية، ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ [العلق: 14]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1] ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 265] .
كما يتحقق الله حينما تدرك نعمة الله تبارك وتعالى عليك ومنته وفضله، ورؤيتك تقصيرَك في حقه وقيامك بما يجب لك عليه وأن تعلم أنه تبارك وتعالى مطلع عليك في كل حال، وفي أي وقت من الأوقات وأينما تكون، فهو لا تخفى عليه منك خافية، فإذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة في القلب، تحرك في القلب حياء من الله.
فعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"استحيوا من الله حق الحياء"، قال: قلنا يا رسول الله إنا لنستحيي والحمد لله، فقال صلى الله عليه وسلم :"ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله أن تحفظ الرأس وما وعى، وأن تحفظ البطن وما حوى، وأن تذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحيا".