تعد فترة الشباب من أهم الفترات التي يمر بها الإنسان إن لم تكن أهمها على الإطلاق حيث يتمتع الإنسان فيها بالنشاط والقوة والحيوية ويعمل فيها ملا يستطيع فعله في فترة الطفولة ولا فترة الشيخوخة.
اهتمام الإسلام بفترة الشباب:
من هنا كانت نظرة الإسلام لهذه المرحلة مركزة جدا ؛ فالشباب هو زمن العمل، فمن ثمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك". وتأمل جيداً كلمة (اغتنم) أي إن الفرصة سانحة، وسرعان ما تفر منك. فالشباب ضيف زائر، وصيف عابر، سرعان ما يولي.
وإذا تأملنا كلمة للإمام أحمد حيث يقول رحمه الله: ما شبهت الشباب إلا بشيء كان في كمي(أي: جيبي) فسقط ، من هنا يظهر أنه يمثل الشباب بوضع شيء في جيب مثقوب، فحين وضعه في كمه سقط فوراً من أسفل الكم، فكذلك الشباب يمكث معك مثل هذه الفترة الوجيزة.. مما يدل على أنها تمر منك دون ان تشعر بها لكن المسلم الواعي الحريص يستعد لها ويبذل قصار جهده فيها ويستعين بها على شيخوخته فهو يتعلم ويقرأ ويحفظ ويتأدب ويعلم غيره ويساعد الآخرين ويجتهد في الطاعة ويحافظ على صحته وغير ذلك من الأعمال النافعة التي تنفعه في عمره كله.
وعن شبابه فيما أبلاه؟
ولقد وصى النبي بهذه الفترة المهمة من عمر الإنسان حيث إن الله تعالى سيأل العبد عنها سؤالا خاصا فإن كان سيسأله عن عمره كله فللشباب سؤال خاص مع أن العمر يشمل الشباب، لكن خص الشباب بالذكر لأن له هذه الخصيصة التي ذكرناها، قال عليه الصلاة والسلام: "لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه...".
ومن يجتهد فيها ويحصل الخير يعده الرسول بظل عرش الرحمن يوم القيامة يوم تدنو الشمس من الرؤوس فقد وعد صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله الشاب العابد، فقال عليه الصلاة والسلام: "وشاب نشأ في عبادة الله".