يعد الكبر والغرور من أكثر ما يصيب الناس بالحسد وكراهية الغير، فقد يستفز بعض الناس غيرهم بالغرور والكبر، للدرجة التي يسعون بسببها بالشر تجاه هذا المتكبر المغرور، أو يضطرون لنفاق المتكبر خلال التعامل معه، فالكبر يجعل الناس أمامك بوجهين، يضمرون لك الشر ويظهرون لك الخير، وذلك نتيجة استعلاءك عليهم.
إن التكبر عن الحق والتكبر على الخلق يوجبان أنواعاً من الكراهية، ومن أعظم ذلك أن المستكبر يصرف قلبه عن الهدى قال تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) وقال تعالى: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ).
ماهو الكبر؟
الكبر هو شعور خادع بالاستعلاء، مصحوب باحتقار الناس والترفع عليهم، لدرجة أنك قد تستعلي على أن ترد السلام على من يسلم عليك من المسليمن رغم فرضيته، فهو انفعالات داخلية سوداء، كما قال الله عز وجل: "إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ" (غافر: من الآية56).
كما أن الكبر له صفات تظهر في سلوكيات المتكبر حتى تعلو كلامه وحركاته وسكناته، بل وطموحاته وأفكاره، وينتج عنها وضع نفسه في مكانة أعلى من الآخرين، و يحاول المتكبر أن يخفي تلك الصفة الذميمة إذا انكشف بعض حاله ولكنه يقاسى في سبيل ذلك ثم إذا بصفته تلك تنكشف شيئا فشيئا في زلفات اللسان ومختلف المواقف.
عقوبة الكبر
حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مرض الكبر في الحديث الذي رواه مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يُحب أن يكون ثوبُه حسناً ونعله حسنة. قال إن الله جميل يحب الجمال.
والكبر هو بطر الحق وغمط الناس وبطر الحق يعني دفعه ورده على قائله، وغمط الناس يعني احتقارهم.
ففرق كما كشف النبي صلى الله عليه وسلم بين التجمل في الهيئة واللباس وهو أمر محبوب عند الله وليس هو الكبر، وبين احتقار الناس، والاستعلاء عليهم بملابسه، فآثار الكبر يظهر في تصرفات الشخص فتحمله على عدم قبول الحق وعلى احتقار الناس، فإبليس لما تكبر على آدم حمله على أن امتنع من امتثال أمر ربه له بالسجود، وهو الذي حمل الكفار على مخالفة الرسل لما جاءوهم بالآيات البينات: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) [النمل:14] .
اقرأ أيضا:
عبر عن شخصيتك بصوتك.. متى ننجذب لك ومتى ننفر منك؟والكبر يمنع المستكبر من أن يدعو ربه ويعبده قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر:60].
والكبر يوجب أنواعاً من العقوبات العاجلة والآجلة، ومن أعظم ذلك أن المستكبر يصرف قلبه عن الهدى قال تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) [الأعراف:146] وقال تعالى: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ) [الأعراف:101].
وفي "الصحيحين": أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يومَ القيامة" .
وقال عليه الصلاة والسلام: "يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة أمثال الذر يطؤهم الناسُ يغشاهم الذل من كل مكان" .
ويقول أحد الصالحين: " من كانت معصيته في شهوة فارج له التوبة، فإن آدم عليه السلام عصى مشتهياً فغفر له لما تاب فإذا كانت معصيته من كِبر فاخشَ عليه اللعنة فإن إبليس عصى مستكبراً فلعن وكيف لا تعظم آفة الكبر وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر".
الكبر حجاباً دون الجنة
وأبعد مايكون عن الجنة في الكبر، لأنه يحول بين العبد وبين الله، فالإنسان المتكبر لا ينصاع لأوامر الله و لا يقدر على التواضع ولا على ترك الحقد والحسد والغضب، ولا على كظم الغيظ وقبول النصح. ولا يسلم من الازدراء بالناس وتنقصهم فما من خُلق ذميم إلا والكبر يجر إليه، وأشر أنواع الكبر ما يمنع من قبول الحق والانقياد له.
فالإنسان مأمور من ربه تعالى أن يدفع الكبر عن نفسه ويعرف أصله ونشأته، وفقره وحاجته، ويعرف ربه وعظمته ومقامه بين يديه، فالإنسان من تراب ثم يموت ويصير تراباً يعذب أو ينعم في قبره ثم يبعث ويحاسب ويجازى بعمله، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله: (قُتِلَ الأِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ* مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ* مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ* ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ *ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ *ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ* كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ) [عبس:17-23] .
اقرأ أيضا:
متى يكون عملك وبالا عليك وحسرة؟