ونحن نستقبل يوم عاشوراء يوم النصر يوم الفوز يوم النجاة يوم تحققت الأماني وانتصر موسى عليه السلام على الطاغية فرعون ونجاه الله تعالى بأن عبر طريقه في البحر يبسا فيما غرق فرعون ومن معه.. في هذا اليوم نستشعر حسن الظن بالله تعالى.. ونستشعر اليقين والثقة في نصره وأنه تعالى سيخرجنا من آلامنا وأحزاننا وهمومنا إلى حيث النجاة والفوز إن أحسنا التوكل عليه وجددنا الثقة به.
في يوم عاشوراء تتجدد المعاني الجميلة معاني التوكل والثقة في الله وحسن الظن به واليقين في معيته ..كما تتجدد معاني الإمعان في الأخذ بالأسباب فوسى عليه السلام توكل على الله هو ومن معه ولم يمنعه هذا بلا شك من الأخذ بالأسباب الظاهر لديه فقد خرج بقومه يريد الفرار بالمؤمنين حتى لا يقتلوا هروبا بدينهم وعقيدتهم من بطش طاغية متجبر هو فرعون الذي ملأ الأرض فسادا دماء لكل من خالفه فقد بلغ من استعلائه زعمه الربوبية حين قال أنا ربكم الأعلى .. فطاغية هذا شأنه يهون عليه كل ألوان الظلم والاستبداد في سبيل توطيد ملكه ولذا عاب عل موسى دعوته له بالإيمان حين قال: ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين.
وحين اشتداد الظلم وتتبع فرعون لموسى ومن معه خرج موسى بقومه يلتمسون الفرار بدينهم بعيدا عن هذا الطاغية الذي استحالت معه كل ألوان النصح والإرشاد فهو لا يعرف إلا الدماء والقتل والاستبداد.
الثقة في الله وحسن الظن به:
وقد خرج موسى فرار بدينه وكله ثقة في نصر الله تعالى له فهي إذا درس عملي في اليقين فهذا نبي الله تعالى يقود قومه هروبا بهم من بطش الطاغية فرعون..
ويظهر اليقين في أروع صوره حين يتبعهم فرعون بجنوده فإذ بقوم موسى يقولون :"إنا لمدركون" فيرد موسى الموقن بالله الواثق بنصره " كلا إن معي ربي سيهدين".. نعم قد استحالت النجاة بالأسباب المادية الظاهرة فالبحر أمامهم أمامهم والعدو خلفهم.. فكيف النجاة عن نجاة نتتكلم يا موسى .. كيف وما هي إلا لحظات قليلة جدا ونفنى جميعا لكن وسى يرى ما لا يرون يرى الله في كل أعماله وخطواته وبهذا أجاب وقت الشدة وهذا هذا المشهد صوره القرآن تصويرا رائعا حين قال عز وجل : "فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ".. وهنا يأتي اليقين الذي انطلق بقلبه موسى قبل لسانه فهو يعلم علم اليقين أن الله ناصره وانه تعالى لن يخذله ولم لا وقد خرج في سبيله وابتغاء دعوت وان ميد جنده وناصر عبده فإذا تلاشت أسباب النجاة الظاهرة لدى البعض فإن موسى يرى ما لا يرون ويدرك ما لا يدركون فهو على يقين بأن رب الأسباب هو من يصرف الأمور وحتما سيكون هناك مخرج وذا قال بلسان الواثق من النجاة: "كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ".. قالها موسى وهو لا يدرك حقيق ما هو المخرج هو متأكد من أن هناك مخرجًا لكن ما هو لا يعلم وهنا جاء الوحي قال تعال: " فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}.
كن علي يقين بنصر الله:
وإذا كان هذا كلام موسى في يوم عاشوراء وهو اليوم الذي نستقبله الآن فإننا نجدد هذه المعاني السامية معاني اليقين في نصر الله والثقة في إمداده فهو سبحانه وتعالى يحفظ عباده وينصر جنده ويعز دينه ويأخذ حق المظلومين.. فهي دعوة إذا لكل مظلوم .. لكل حزين.. لكل من قطعت أمامه كل سبل النجاة وقد أخذ بل السباب الظاهرة حيث لا يريد إلا الله أن ثق بالله وحتما سينصرك كما نص نبيه موسى عليه السلام فما حدث يوم عاشوراء من مشهد النجاة كان نتيجة طبيعية لليقين والثقة في الله تعالى انظر إلى يقين موسى وصدق توكله على الله -عز وجل- لما قال أصحاب موسى من بني إسرائيل إنا لمدركون أي سيلحقنا فرعون وجنده، قال موسى-عليه السلام- بيقين وصدق وثقة وحسن ظن بالله{قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}، ونحن أحق بموسى من هؤلاء حتى في يقينه وإخلاصه لدعوته ونصره لكلام الله .. فهي دعوة إذا لتجديد الثقة بالله ولنكون على يقين بأن الله لن يخذلك ما دمت على طريقه تسعى لرضاه.. فنجاة موسى ليست قاصرة عليه إنما هي درس للأجيال المسلمة في الثقة في الله واليقين فيه .. ولنردد جميعا : كلا إن معي ربي سيهدين.