تغردين أنت يا عزيزتي خارج السرب بلا شك، وكثيرات معك، سواء كن آنسات أو خضن تجربة زواج فاشلة وقررن العيش بلا رجل، بما يعني بلا مسئولية، بلا أعباء، بلا تقييد واجبار وتحكمات، كما يرون.
وما أراه يا عزيزتي أن الراحة ليست في العزوبة ولا الزواج، إنما في معنى " الحياة المشتركة باسم الزواج"، والمشكلة في غياب الإدراك الصحيح، الصحي للأمر.
فالرجل في مجتمعاتنا يتزوج لكي يجد من " تلبي " له احتياجاته، وكذلك المرأة، بما يحمل معني " العبء"، ومن يحب ذلك، أو يرغب به؟! لا أحد، وما يحدث هو أن الجميع يسير في ممر القطعان المنساقة للأمر لإعتبارات اجتماعية، لا يهم أن يكون سعيدًا باختياره، منسجمًا، مقبلًا عليه كما هو بعيوبه وميزاته، وإنما وفق معايير أغلبها اجتماعية لم يضعها " هو " لنفسه، وإنما كتالوج اجتماعي فحسب، " حالة " ، " وضع " اجتماعي لابد أن يسبق لوضع اسمه بخانته ويصبح " اسمًا " مذكورًا في القائمة.
ترين حولك العلاقات الزوجية إما فاشلة أو متضعضعة داخليًا، منهارة تمامًا أو إلا قليل، لكنها مسندة على الخُشب لأجل الأولاد والناس والعيشة إلخ، لا الرجل " سعيد " ولا " المرأة " فتفضلين العزوبة، ولا ألومك على ذلك، فمن حقك البحث عن سعادتك وسط هذه الفوضى الإجتماعية والعاطفية، ورفض السير مع القطيع.
اسبحي يا عزيزتي عكس التيار وهو الطريق الأصعب، بمعنى " لا تتزوجي والسلام"، فأي رجل من عينة " والسلام " هو من لا يفهم معنى الزواج وسيفعل ما يشعرك بالقهر وإن لم تستجيبي فأنت ناشز متمردة، ولكن بمجرد أن تجدي من يتناغم معك، من يري الزواج " قيمة " في حد ذاته، وأن " انجاحه " هدف وضرورة، فلا تترددي، وثقي أنك عندما تجدين من يؤمن أن ألف باء الزواج يعني الحب و( الإحترام )، من يعرف معنى " الشراكة " سيكون لا معنى لديك وقتها لكلمات مثل " قهر "، " تحكمات " ، " قيود "، لأنها لن توجد معه، و" طاعة الزوج " عنده ليست بهذا المعني السخيف الضيق فيجعله سيفًا على رقبتك، ستحبين معه طاعة الزوج، بل سيكون هناك ما تسعدين به في شراكة صحية ملؤها الإهتمام، والرعاية، والحرص، راشد يتعامل مع راشد مثله بلا وصاية ولا تعنت .
غاية ما أدعوك إليه هو تغيير نظرتك للزواج، فما تتحدثين عنه "حالات" لزيجات فاشلة، تغيير نظرتك وطريقة تفكيرك تجاه الزواج هو الحل، وكذلك الإتزان والواقعية لدى الإختيار، فلن أدعوك أبدًا للمثالية، فهي ليست متواجدة في أحد رجلًا كان أم امرأة، ربما لا تجدين من سما فكره وترقى في فهم ماهية الزواج بالشكل الصحي، أو إلى الحد المطلوب لديك ولكن يمكن مع العاطفة ادخال بعض التهذيب على القناعات، وإلانة العقول، فلابأس يا عزيزتي.
فما أخشاه عليك هو " استسهال " الرفض، أو " الإضراب "، كما تقولين، لذا كوني جسورة، صبورة، بالقدر الذي يسمح لك باكتشاف " حقيقة " من يتقدم لخطبتك، لربما تجدين ألماستك وسط هذا الركام، وسددي وقاربي، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.