إلى كل امرأة: إياك أن تتعجلي الحكم على الرجل، مهما كان لبقًا في كلامه، وشيكًا في هندامه، ويبدو عليه الحياء والخجل، القضية ليست في الشك وسوء الظن، لكن القضية في أن البشر قد يتحول إذا ما استشعر شيئًا من الانسيابية في التعامل، عليك التمسك بتقاليدك وثباتك الانفعالي حتى تظهر لكِ حقيقته.
يقول الدكتور مصطفى محمود رحمه الله: «حاولي عزيزتي المرأة أن تحكمي على الرجل بطريقة أخرى غير الانبهار بذلاقة اللسان و الشياكة»، ومن ثم فإنه من الضرورة بمكان أن تعرفي بفطرة المرأة و بصيرتها ما وراء الكلمات و ما وراء الثياب البراقة، فربّ رجل صامت يغلب عليه الحياء، أكثر طيبة وأكثر حبًا من رجل متفوه في الكلام.
الرجولة الحقيقية
الرجولة الحقيقية ليست في جمال الوجه، وليست في الكلام وطلاقة اللسان، وإنما الرجولة الحقيقية في الصدق والصراحة والإحساس بالمسؤولية وتحمل الأعباء ومواجهة الحقيقة حتى لو كانت مريرة.. الرجولة الحقيقية إنما هي أمانة وشرف وعمل، وليست سرقة وتبديدًا واحتيالاً.
عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لأصحابه: تمنوا، فقال أحدهم: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم فأنفقها في سبيل الله. فقال: تمنوا، فقال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت ذهباً فأنفقها في سبيل الله. قال: تمنوا، قال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت جوهراً - أو نحوه - فأنفقه في سبيل الله. فقال عمر: تمنوا، فقالوا: ما تمنينا بعد هذا، قال عمر: «لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم فأستعملهم في طاعة الله».
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟هؤلاء هم الرجال
انظر إلى ما تمناه الفاروق عمر ابن الخطاب، ستدرك ما هو المعنى الحقيقي للرجولة، فهؤلاء هم الرجال الحقيقيون بالفعل، وليت في كل عصر أمثالهم، ولو نظرنا إلى القرآن الكريم سنجد أنه بعد التدبر جيدًا أنه تحدث عن الرجال بعيدًا عن المظهر واللباقة، وإنما قال الله عز وجل عن الرجال الحقيقيون: «لَمَسجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقوَى مِن أَوَّلِ يَومٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ» (التوبة: 108).
الرجال هم من يحيون شعائر الله، ويقفون على شريعته وسنة نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَومًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبصَارُ * لِيَجزِيَهُمُ اللهُ أَحسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِن فَضلِهِ وَاللهُ يَرزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيرِ حِسَابٍ» (النور: 36 – 38).