عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن الشيء الوحيد الذي سيستمر معك طوال حياتك، هو "نفسك"، فلا تحملها ما لا تطيق، لأنه باختصار شديد الكمال لله وحده.
ولذلك الله عز وجل يقول في خواتيم سورة البقرة: «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ».
فإذا كان لكل شيء طاقة على التحمل، فإن هذا يعني أننا إذا حملناه فوق طاقته فإننا نخسره، أو يخذلنا، أو ينقلب علينا، ومن ثم بات على كل امرئ ألا يحمل نفسه فوق طاقته مهما كنت الأسباب والظروف.
عبء الضمير
أحيانًا يتصور الإنسان أنه حينما يتحمل فوق طاقته، فإنه بذلك يرضي ضميره، والحقيقة هي العكس تمامًا، فلا يمكن لضمير أبدًا أن يتقبل على صاحبه أن يتحمل ما لا يطيقه، فلا تحملوا الضمير فوق طاقته من خلال العيش في بيئة مملوءة بالمعاصي والمنكرات، ولا تحملوه فوق طاقته من خلال مصاحبة رفاق السوء الذين يتعاونون مع شياطينكم على إغوائكم وتدميركم.
وللأسف هناك الكثير من الشباب والشابات الذين انحرفوا بسبب محاولتهم تحمل الضمير فوق طاقته، وبسبب مواجهة تحديات أخلاقية غير عادية، لذلك ينبغي على العاقل أن يتعظ بغيره.
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائلطاقة الإنسان
اهتم الإسلام كثيرًا بأن يوجه الناس نحو فهم أن هناك طاقة لكل إنسان لا يمكن له أن يتجاوزها، فإذا كان الله عز وجل لم يطلب من أي إنسان أن يتحمل فوق طاقته دينيًا، سواء في العبادة أو الصلاة أو الزكاة، وغيرها، فكيف بنا نحاول أن نحمل أنفسنا فوق طاقتها؟.
وهناك الكثير من النصوص التي تؤكد مراعاة الشريعة لهذا المبدأ العظيم، منها قوله سبحانه: « وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (سورة الحج: 78)، وقوله أيضًا سبحانه وتعالى: «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ» (سور النساء: 129).
ويقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في الحديث: «لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك مع الوضوء، ولأخرت العشاء إلى نصف الليل»، وقال لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «لولا حداثة قومك بكفر لنقضت البيت، فبنيتُه على أساس إبراهيم، وجعلتُ له خلفاً فإن قريشاً لما بنت البيت استقصرت».