الجبار.. اسم الله الذي إذا سمعه كائن من كان أحس بضعفه ومكانته القليلة أمام قدرة الله عز وجل، لأنه لأول وهلة يشعر بأن معنى (الجبار) هو القوي الذي ليس قبل أو فوقه أي شيء مهما كان، والقادر على أن يزلزل الدنيا بأكملها في لحظة، ولمّ لا، وهو الذي يسجد له الدواب والشجر وجميع من خلق، وأمره دائمًا بين الكاف، فإذا أراد أمرًا أن يقول له كن فيكون.
لكن اسم الله الجبار له معنى آخر، جميل بسيط، ويعني أنه سبحانه وتعالى شديدة جبر خواطر الناس، فتخيل الفرق!
فكأن المسلم المؤمن الموقن في الله حين يسمع اسم الله الجبار، فإنه يتبادر إلى ذهنة جبر الخاطر فيسعد، بينما الآخر حين يسمعه يعي أنه (شديد القوة والجبروت) فيشعر بأنه لا شيء أمام قدرة الله.
إجلال وجمال
من عظمة اسم الله الجبار، أنه يشتمل على معنيين عظيمين، (الجلال والجمال معًا) ، إذ أنه من الممكن أن نفهم كلمة (الجبار) على أنها من جبر الخواطر، فهي من باب الرحمة والرأفة.
وقد كان من دعاء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين) ، فترى الله تعالى كأنه يريد أن يجبر خاطر هؤلاء المساكين الذين ليس لهم سوى الله يجبر بخاطرهم، مهما أتت عليهم الدنيا بما فيها، ترى الله بجوارهم، يسمعهم ويخفف عنهم بذاته العليا، -ولله المثل الأعلى في ذلك- ، وما ذلك إلا لأنه عطوف على الفقراء والمحتاجين، خصوصًا هؤلاء الذين لا يسألون الناس إلحافًا.
قال تعالى: «لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» (البقرة 273).
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبرقاهرة الجبابرة
أيضًا المعنى المقابل لمعنى اسم الجبار، غير أنه يجبر خاطر الضعفاء والمساكين، هو أنه أيضًا قاهر الجبارة، وأنه سبحانه وتعالى يواجه كل من تجبر على خلقه أو كسر بخاطرهم بشدة لا مثيل لها، فهو المدافع عن الفقراء والساند لهم في شدتهم مهما كان من يقفون أمامه.
فإنه سبحانه وتعالى ينتقم من أولئك الذين يسعون في الأرض فسادًا. قال تعالى: «وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ» (البقرة:205)، ومن ثم يأتي معنى اسم الله الجبار، من باب صفات الجلال التي لا ينبغي أن يتخلق بها المؤمن ولكن يتعلق بها.