حينما تبحث في القرآن الكريم عن إجابة لسؤال كيف نحمي أنفسنا من أثر الكلمة السيئة على القلوب؟، اعلم أن هناك ثلاثة مواضع لحماية القلب من أثر الكلام السيء في القرآن الكريم.
ومن ذلك قلوه تعالى: «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ» (99 سوره الحجر)، وأيضًا في قوله تعالى: «فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ»، وفي الموضع الثالث يقول المولى عز وجل: «فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ ءَانَآئِ ٱلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ».. لذا عزيزي المسلم.. اعلم يقينًا أن إذن التسبيح يقي القلب من أثر الكلام السيء فحافظ عليه طوال الوقت لتصل إلى مرحلة الرضا المتناهي.
شجرة خبيثة
تصور عزيزي المسلم، قبل أن تطلق للسانك المجال، ينطلق ليؤذي هذا وذاك، توقف قليلا واعلم أن كل حرف محسوب إما لك أو عليك، ذلك أن الكلمة الطيب تعيش وتنضج وتظل سببًا في دوام المحبة بين الناس، بينما الكلمة السيئة وصفها القرآن الكريم بأنها كالشجرة الخبيثة، لا فائدة منها، وتضر من يقترب منها.
قال تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ » (إبراهيم: 24-26)، والوصف هنا يعني أن الكلمة تستمر مع صاحبها، فاحرص على أن تكون طيبة دومًا.
اقرأ أيضا:
الجمعة.. عيد خاص عند الموتى تتلاقى فيه أرواحهم ويفرحون بالزائرينأمر إلهي
الله عز وجل أمرك بألا تتفوه إلى بالكلمة الطيبة: » وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً » (الإسراء: 53)، فالكلمة الطيبة كالزهرة الجميلة، تنبت وتكبر، بينما السيئة كالشوك، تضرب في جنبات الناس فلا تخرج إلا بالدم والعياذ بالله.
والكلمة في حياة الإنسان لها شأن عظيم، فهي بوابة الخير أو بوابة الشر، وهي منطلق الأعمال الكبيرة، بل هي الوقود الأول للمعارك، وأخيرًا فإن الكلمة الخبيثة هي السبب الرئيسي لدخول النار والعياذ بالله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: «ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروته وسنامه؟ قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه قال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون مما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم».