يقول الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: ( عَاشروا الناس عِشرهً إن غبتم حنوا إليكم، وإن فُقدتم بكوا عليكم ).
الحنية مطلوبة واللطف مطلوب بشدة في التعامل بين الناس، كما أن الود مطلوب جدًا لتستمر الحياة بين الناس طيبة.. فلاشك أن الإحساس الصادق دميل، والتعبير عن المشاعر جميل، والطبطبة جميلة، والكلمة التي فيها تقدير جميلة، والجميل أيضًا الاحتواء الذي للأسف فقدناه جميعنا.
المشاعر لا تؤجل ولا ينفع أن نختزلها للبكاء عليها بعد الفراق.. ومن ثم فإن المعنى الحقيقي لمفهوم العِشرة هو ( إن غبتم حنوا إليكم ) .. افتقدوا وجودكم ، توجعوا لأوجاعكم ، أيًا كان سبب هذا الغياب.. غياب تواجُد أو تواجُد، لكن غابت فيه الروح والضحكة والملامح القديمة .. والأمان القديم .. والاندماج القديم .. والاحتياج القديم.
المشاعر رزق
من المهم جدًا ألا تمتلئ العشرة بالجفاء، وألا تكون فيها ندية وليس بيعًا، قد يكون الأمر ليس تعودًا وائتلافًا وليس ضمانًا أو امتلاكًا وليس استسلامًا .. لكن ليعلم الجميع أن المشاعر رزق ومن ثم لو أنها وجدت فإنها تحتاج إلى شكر .. وتحتاج إلى صبر .. وبذل ..فمهما كانت الاختلافات والخلافات فإنها لن تضيع المشاعر لكن ( بالشكر والصبر والبذل ) لو هذه الأساسات كانت موجودة، فإنها ستستمر.
المشاعر إنما هي رحمة من الله عز وجل حتى تسندنا ونعرف كيف نستمر ونكمل حياتنا.. ومن ثم فإن المشاعر ليست كماليات نؤجلها بسبب وجود أولويات وضغوط ومسؤوليات أخرى.. وإنما المشاعر أساس .. وفِطرة .. بوجودها سنقدر على كل الأولويات والمسؤوليات مهما كانت..
اقرأ أيضا:
الكسل داء يبدد الأعمار والطاقات.. انظر كيف عالجه الإسلامحنية القلب
المشاعر تحنن قلبك وتكون طريقك إلى الله عز وجل .. وهي متعة من متع الحياة.. فلا تنتظر فيها أن يمنحك أحدهم أي شيء أولا حتى ترد له الجميل.. عطاؤك في حد ذاته متعة لك ، قبل أن يكون متعة له .. ومقابلها حتى لو لم يكن متكافئ من البشر ، فهو يكتمل ويتعوض من الله عز وجل ، وهو الأمر الذي سيجعل قلبك يحبه بشكل جدي بعد أن تمرن على الحنية والإحساس الصادق مع البشر.
أنت بحاجة إلى أن تعيد حساباتك لأنه من الممكن جدًا أن يكون قد فاتك الكثير وأنت لا تدري، ومن ثم فإنه لأن اللين ظاهرة سلوكية تنبع عن قلب لين ، فقد عاتب ربنا وعز وجل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم حين رأى منهم تغيرا في القلوب.
يقول الله تعالى : «أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ» (الحديد:16).