للأسف باتت المقارنة بالغير هي المقياس لتحديد الفقير من الغني، وهي أمور لايمكن أن تليق بالمسلمين على الإطلاق، فلو أن كل الناس امتلكت سيارة مرسيدس مثلاً، والبعض تملك طائرة، ستجد بعد فترة أن كل الناس تتسابق حتى تركب طائرة، بل أن أصحاب (المرسيدس) سيشعرون أنهم من الفقراء بجانب الآخرين، ما يتسبب في أزمات نفسية واضطرابات لهم، وربما تجد البعض يحاول أن يعمل ٢٤ ساعة في اليوم، لعل وعسى يمتلك هو الآخر طائرة!
أحيانًا شعور بعض الناس بالفقر والضجر والغضب ليس بسبب أنهم غير مرتاحين أو لا يملكون شيئًا من حطام الدنيا، لكن بسبب أنهم يقارنون أنفسهم بغيرهم!!.. لذا من تطلع فيمن عند الناس لم ينل سوى التعب والأرق، بينما من رضي بما قسم الله له، نال من الدنيا كل حظوظها.
الرفاهية الحقيقية
إذن الإنسان الذي يعيش حياة متوسطة فى هذا الزمن، يعيش مرفهًا أكثر من رفاهية ملك دولة من ٢٠٠ سنة مثلاً، لكن إنسان هذا الزمن غير راض لأنه يقارن نفسه بغيره طوال الوقت!.. فللأسف هناك من الناس مَن تملأ نفسَه الحسرات، وتطوف بقلبه الأحزان، لمجرّد أن يرى غيره قد أنعم الله عليه بنعمة، أو اختصه برحمة، لذلك القاعدة هي :
- فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ
- ارض بما قسمه الله لك، تكن أغنى الناس!
- ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى.
اقرأ أيضا:
استعد لرمضان من الآن بهذه الطريقة الرائعةالجليس الصالح
عزيزي المسلم، الإنسان الناجح هو من يختار طريق الناجحين، ويكد ويتعب لكي يصل، بينما الفاشل من يختار طريق الفاسدين، ومن ثم لا يمكن له أن يصل.
عن سيدنا أبي موسى الأشعرِيّ : أَن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً».
إذن من الخطأ وظلم النفس أن نحصر أنفسنا بين مجموعة من غير الناجحين أو ذوي البلايا والمحن، لنستشعر نعمة الله علينا، فالإنسان الناجح هو الذي يرافق أهل النجاح، ويرتقي بنفسه بمعونتهم، ويخالطهم مخالطة تعلو به ولا تيأسه.
عليك أن تجمع بين الحسنيين مرافقة ذوي النعم، والنظر في حال ذوي البلايا، وتتأمل حكمة الله ورحمته وعدله، قال تعالى يوضح ذلك: « أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ » (الزخرف: 32).