البعض للأسف تراه يتعامل مع العبادات وخصوصًا الصلاة على أنها روتين يومي، يصلي وينتهي من صلاته وهكذا، حتى يصل به الأمر يومًا ما إلى الملل، وهنا تكمن المشكلة، إذ من الممكن أن يبتعد ويترك صلاته، وهو أمر جلل لاشك في ذلك.
لذا علينا أن ندرك جيدًا أن العلاقة مع الله عز وجل ليس لها نهاية، ومن ثم هي لاشك خالية من الملل، لأنها مليئة بالشَغَف، لأنه ليس له منتهى سبحانه وتعالى، فلاشك أن من أعظم ما تقرب به العبد لمولاه القيام بالفرائض فهي رأس المال وركن الدين وأساس الأعمال.
في الحديث القدسي يقول الله تعالى: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه»، فمن تقرب إلى الله بحب، لا يمكن له أن يشعر بملل يومًا ما.
حياة متجددة
عزيزي المسلم، لكي تتخلص من أي ملل، عليك أن تخلق لنفسك حياة متجددة دائمًا، فحين تذهب إلى الله، اعتبر كأنها المرة الأولى التي تقف بين يديه، كن جاهزًا لسؤاله عن أي شيء مهما كان، كن دائمًا جاهزًا أن تقدم نفسك إليه سبحانه، لكن ذلك لن يتأتى إلا بإصلاح العلاقة مع الله عز وجل.
وهذا أيضًا لن يتأتى إلا بالإكثار من من النوافل، فالمقتصدون يكتفون بالواجبات بينما يعمر السابقون أوقاتهم بشتى صور نوافل العبادة، وركعات وصلوات وصوم وصدقات وذكر وقرآن وتسبيحات، وإحسان إلى الغير وغيرها من الأمور التي تجعلك في حالة استعجال دائم إلى الله، وحالة حركة متواصلة لا تنقضي أبدًا، فكأنك دائمًا في حاجة إليه، ومن ثم تجد عنده ما تطلبه، فتذهب نفسك إليه في كل مرة متجددًا خالصًا النية له، موقنًا في أنك ستجد ما تربو وتتمنى.
اقرأ أيضا:
سلم أمرك لله.. كل شيء يحدث في أرض الله بمقدور اللهإصلاح النية
أيضًا من الأمور التي تقودك إلى قتل أي ملل في علاقتك مع الله عز وجل، إصلاح النية والسرائر، فالعبد وهو يتعامل مع الله فإنما يتعامل مع الذي لا تخفى عليه خافية، ويعلم خائنة الأعين، ويعلم السر وأخفى، فليكن همك عزيزي المسلم إصلاح سريرتك وإخلاص نيتك، فما تفاضلت الأعمال إلا بالنوايا، ومع الأيام يذهب الثناء والمدح والمادحون والممدوحون ولا يبقى من الأعمال إلا ما أريد به وجه الله، ولا يبقى إلا ذكر المخلصين.
قال تعالى يوضح ذلك: « اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ » (العنكبوت: 45).