مرحبًا بك يا عزيزتي..
قلبي معك.
مشكلة الأمهات المعيلات من أكثر المشكلات المجتمعية قسوة، لا علاج ناجع لدى القوانين ولا الأسر ولا أطراف المشكلة، الجميع يترك الامهات المعيلات يواجهن الواقع القاسي والمظالم الشديدة.
أعرف أنك يا عزيزتي ضمن آلاف من الأمهات المعيلات من يقفن وحدهن في مواجهة الضغوط والمصاعب، وأتفهم كسرك وأقدر مشاعرك كلها فأنت محقة فيها.
من أسف أن يكون لدى الأهل مالًا وينتظرون حتى يحول عليه الحول ليعطوا من يعاني من إخوتهم زكاته.
مؤسف أن ينتظر الأخ ليعطي أخته المحتاجة وسخ ماله وهو يعلم احتياجها، ومصيبتها في فقدها عملها ومصدر رزقها.
مؤسف أن يزيد الأهل الطين بلة، بدلًا من أن يكونوا الظهر والسند والدعم، ولا يريقوا ماء الوجه هكذا.
لكنه الواقع، ما حدث معك، وما يحدث مع الآلاف من المعيلات، بكل أسف.
أقدر مشاعر واحساسك بكل ما ذكرت من عجز، وقهر، وانكسار، وإحباط، هذه مشاعر من حقك تمامًا، لن أدعوك إلى دفنها أو انكارها، وفي الوقت نفسه أدعو إلى "قبول" نفسك، بضعفها، وانكساراتها، كما كنت من قبل تقبلينها بقوتها، وشجاعتها في مواجهة الضغوط والتحديات.
كل ما في الأمر يا عزيزتي أن "شكل" التحديات تغيّر، وأصبح عليك التكيف وفق هذا التغيّر والتعامل معه على أنه "طاريء" ومؤقت ولن يستمر.
تحتاجين للحديث مع نفسك بشكل ايجابي، هكذا، فنفسك تستحق كل التقدير والاحترام والاهتمام والقبول، ولم يمنحك أحد هذا كله ما لم تمنحيه أنت لنفسك أولًا، مهما تكن الظروف.
احضري ورقة وقلم، واكتبي انجازاتك ونجاحاتك خلال الأعوام الـ 9 السابقة وأنت أم، مطلقة، وتعمل، وتربي، وتعول.
ذكري نفسك بنفسك القوية، العظيمة، المثابرة، الشجاعة.
وتذكري أن الله عند ظنك به، فأحسني الظن واستبشري بالفرج، فكلما ضاقت حلقاتها، فرجت.
أنت لا تعلمين الغيب، ولا تعلمين متى وكيف سترزقين كما رزقت من قبل، فالمدير ليس إله، وليس رزاق، وليس ما حدث نهاية العالم، ولا نفاذ الأرزاق.
صدقي في نفسك، فمن وقفت في البداية وكانت جسورة ستفعلها الآن، ودائمًا، فالحياة مراحل، ومنحنيات، صاعدة، وهابطة، ويحدث هذا للجميع.
خسائر ومكاسب، نكبات وبشريات، أحزان وأفراح، هذه الثنائيات المتضادة هي الحياة باختصار، وأنت في واحد منها الآن، ولا مرحلة تدوم، أو تصفو تمامًا.
فكري هكذا يا عزيزتي، فتصوراتنا لحياتنا تنبع من أفكارنا، فغيري أفكارك حتى تتغير مشاعرك وتصرفاتك، ولا تدعي الأفكار السلبية تغزو عقلك وتسيطر هكذا، ومن ثم تتبعها مشاعرك فتلونها السلبية هي الأخرى وتتبعها تصرفاتك فتنعزلين.
كل الخسارات تعوض إلا خسارة النفس، ونفسك تنتظرك لإنقاذها لا العكس، وما أراه أن إلتحاقك بإحدى مجموعات الدعم هو واجب الوقت تجاه نفسك الآن، فسارعي بالبحث عنها، والالتحاق بها، ولا بأس من طلب المساعدة النفسية المتخصصة من معالجة نفسية للصدمات، حتى يمكنك التعامل مع صدمة فقد العمل، والصمود، والعودة من جديد للبحث عن عمل.
لو اتبعت هذه الاقتراحات يا عزيزتي وتمكنت من تنفيذها فلن تأبهي عندها لدعم أهلك، وطريقته، وحدوثه من عدمه، ولن تتحكم فيك الانفعالات والمشاعر كما هو الأمر الآن.
وستتغير استجاباتك تجاه كل المواقف، وتعاملات للأفضل، وأولها تعاملك مع نفسك.
سارعي يا عزيزتي، وفقك الله لخيرك، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.