عزيزي المسلم، في اللحظة التي تكن فيها غير قادر على أن تفعل أي شيء على الإطلاق، (وتعافر وتقوم ).. اعلم يقينًا أنها لحظة ميلاد جديدة لمكونات جديدة داخلك .. ولكن من المستحيل أن تكتشفها سوى في هذه اللحظات..
هذا الوقت يكون فيه كل شيء غير واضح المعالم، والطرق كلها في ظاهرها مغلقة، ومن ثم كل الذي عليك فعله وقتها أن تتبع الإشارات وتجرب كل باب ولو حتى كان مغلقًا .. حاول أن تفتحه .. ولنعلم أن كثيرًا منا حينما تنتهي بطاريته فإنه يحتاج إلى من يسانده، وكأننا خلقنا لأن نكمل بعضنا البعض، ويشحن بعضنا البعض في حالة انهيار الطاقة، لكن للأسف كثير منا ينسى ذلك، ويتصور أنه يعيش بمعزل عن الناس، فتكون النتيجة نهاية مؤلمة.
وعد الله
بينما نحن نمر بتجارب صعبة، ونتصور أن النهاية أتت، يأتي وعد الله عز وجل من بعيد، كأنه المنقذ، قال تعالى يضجع عباده: «الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ »، فحينما تصل لهذه الحالة ( القرح ) شدة الحزن والإحباط .. واستطعت أن تستجيب لقوانين الله و رسوله ولأوامره .. بأن تقاوم ولا تستسلم وتثق في قدرات الله وأسمائه وصفاته .. لابد أن تكون النتيجة أجر عظيم .. ( فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ).
لم يمسسهم سوء !.. جملة عظيمة، وليس لها مثيل على الإطلاق، لأنك حينها ستجد إشارات وأسباب ، مهما ظهرت كأنها مغلقة .. إياك أن تركز على النتائج ، ولكن خذ بالأسباب وفقط، حتى لو في ظاهرها ليس لها علاقة بالأمر.
قال تعالى: ( إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا ).. إذن كل الأسباب موجودة .. لكن إتبع فقط الأسباب وإياك أن تستهين بها .. فالله عز وجل سيحاسبك على الأسباب وليس على النتائج ..
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟حاول من جديد
عزيزي المسلم، اسقط وقم، ولو ألف مرة، إياك أن تيأس، فالله عز وجل يحب عبده المصر على العمل، فتراه في النهاية يمنحه إياه حينما يراه مصرًا عليه، إذن إياك واليأس، وتفائل دائمًا بالله، واعلم أنه قادر على يمنحك كل ما تريد في لحظة.
قال تعالى: «قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ» (الحجر: 55-56)، فحتى الكافر إياه أن ييأس من روح الله عز وجل، فحتى آخر لحظة عل الله عز وجل يتوب عليه.
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : «إن الله خلق الرَّحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمة، وأرسل في خلقه كلّهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر بكلِّ الَّذي عند الله من الرَّحمة، لم ييأس من الجنة، ولو يعلم المسلم بكل الذي عند الله من العذاب، لم يأمن من النار».