تفخر المعلمة البريطانية إيلين أدامسون ببلوغها سن الخمسين دون أن تعاني من المشاكل المعتادة في الأسنان، الأمر الذي عزته إلى نظامها الصارم فيما يتعلق بصحة الفم، حيث دأبت على تنظيف الأسنان بالخيط مرتين في الأسبوع، وفحص الأسنان كل ثلاثة أشهر على الأقل، قبل أن يكتشف طبيب الأسنان قبل شهرين فقط علامات على وجود مرض في اللثة لأول مرة في حياتها.

قالت إيلين: "كانت لثتي ملتهبة وكانت هناك علامات على أنها بدأت في الانحسار. كما أنني لاحظت أن فمي أصبح جافًا بشكل لا يطاق. كنت أستيقظ عدة مرات في الليل ألهث لتناول مشروب، الأمر الذي جعلني أشعر بالإرهاق. عندما أشرب القليل من القهوة، كنت أحصل على هذه النكهة المرارة والمعدنية الغريبة".

اقترح طبيب أسنان عليها تجربة معجون أسنان مختلف مصنوع بدون مركبات معينة يمكن أن تهيج الفم. لكن بعد مرور شهر ونصف، لم تشعر بالراحة، ما دفعها للتوجه إلى اختصاصية تغذية متخصصة في انقطاع الطمث.

وأضافت: "ذهبت لرؤيتها للحصول على المشورة بشأن ما يجب أن أتناوله للحفاظ على كتلة عضلاتي بعد انقطاع الطمث". وأشارت إيلين، التي عانت من آخر دورة شهرية لها منذ عامين إلى أنه "عندما ذكرت مشاكل فمي، قالت على الفور إنها ربما كانت مرتبطة بانقطاع الطمث. لقد صدمت".

اظهار أخبار متعلقة

سن اليأس

ووفقًا للدراسات، فإن ما يصل إلى نصف النساء البالغ عددهن 13 مليون امرأة في فترة انقطاع الطمث في المملكة المتحدة يعانين من أعراض صحة الفم مثل اللثة المؤلمة وجفاف الفم وفقدان الأسنان وحتى الأذواق الوهمية.

لكن الخبراء يقولون إن عددًا قليلاً جدًا من المتخصصين في الرعاية الصحية على دراية بالصلة بين مشاكل الفم والأسنان وانقطاع الطمث، مما يجعل النساء اللاتي يعانين من ذلك يفشلن في الحصول على العلاج المناسب الذي يساعدهم في التخلص من المشكلة.

صحيفة "ذا ميل أون صنداي" استطلعت آراء مجموعة من الأطباء لسؤالهم عما إذا كانوا سيعتبرون سن اليأس سببًا محتملاً لإحدى المشكلات المذكورة أعلاه. أجاب نصفهم بـ "نعم"، وكانوا على علم بالعلاجات المتاحة.

وتحدثت الدكتورة أوشينا أوكوي، المدير السريري في عيادة الأسنان "لندن سمايلينج"، وطبيب الأسنان السابق في مستشفى سانت جورج في لندن عن هذا السيناريو المتكرر "في معظم الأيام" في عيادتها، قائلة: "الأطباء وأطباء الأسنان الآخرون لا يعتبرون أن انقطاع الطمث يمكن أن يكون له أي علاقة به".

وروت أنه "في الأسبوع الماضي، رأيت مريضة أخبرها طبيب أسنانها أنها ستضطر إلى ارتداء طقم أسنان في سن 53. كانت مصابة بمرض شديد في اللثة وكانت أسنانها تتحرك، لكنها شعرت بالخجل، كما لو لقد فشلت في العناية بأسنانها بشكل صحيح. عندما ذكرت سن اليأس، كانت مثل لحظة ضوء".

وأوصت الدكتور أوكوي بأن يحصل المرضى على العلاج بالهرمونات البديلة (HRT)، لتجديد الهرمونات الجنسية مثل الإستروجين والبروجسترون التي تقل بعد انقطاع الطمث.

ووجدت دراسة أجريت عام 2017 أن النساء اللواتي يتناولن هرمونات تكميلية أقل عرضة للإصابة بأمراض اللثة الحادة بنسبة 44 في المائة، وهي مقدمة للعديد من الشكاوى الشائعة.

قالت الدكتور أوكوي: "في بعض الحالات، قد يحتاج المرضى إلى تناول جرعة أعلى من الإستروجين، أو تناولها في شكل مختلف، مثل التحول من اللصقة إلى الحبوب".

كانت إيلين تتناول العلاج منذ أكثر من عام عندما بدأت أعراض الفم، لكنها تخطط لتطلب من طبيبها إعادة النظر في جرعتها.

نقص هرمون الاستروجين

عندما تتوقف الدورة الشهرية تدريجيًا، يؤدي التراجع الكبير في هرمون الاستروجين إلى إحداث فوضى خاصة في الأنسجة الرخوة والعظام في الفم.

وشرحت الدكتورة فيليبا كاي، طبيبة عامة ومؤلفة كتاب (The M Word)، أن "الفم تتوفر فيه خلايا مستقبلات هرمون الاستروجين، والتي تعتمد على الهرمون ليعمل بشكل صحيح. تقع معظم هذه الخلايا في الغشاء المنتج للمخاط الذي يحيط بالفم والغدد التي تفرز اللعاب".

وذكرت أن "هذه العناصر تحافظ على المنطقة معقمة ورطبة. بدون الهرمون، ينتج الغشاء مخاطًا أقل، مما يتسبب في جفاف شديد ويسمح للبكتيريا بالتراكم بسرعة".

ووجدت دراسة سويدية أجريت عام 2003 أن النساء في سن اليأس مع انخفاض مستويات هرمون الاستروجين لديهن كمية أقل من اللعاب في الفم وعدد أكبر من البكتيريا، مقارنة بمجموعة أخرى من النساء في سن مماثلة اللائي يتناولن الإستروجين التكميلي لمدة عام واحد.

وقالت الدكتور أوكوي: "بدون الإستروجين، سرعان ما تبدأ البكتيريا في مهاجمة الأسنان واللثة، مما يتسبب في أمراض اللثة الشديدة مما يؤدي إلى رائحة الفم الكريهة ونزيف اللثة والألم الرهيب وخطر سقوطهم".

وأضافت: "تشعر الكثير من النساء وكأنهن يستيقظن ذات يوم وأن أسنانهن تتعوج فجأة".

الأستروجين والكولاجين

الأستروجين ضروري لصنع الكولاجين، الذي يحافظ على أنسجة اللثة المرنة مشدودة ويساعد في الحفاظ على الأسنان في مكانها.

وقالت الدكتور أوكوي: "لا يعرف الكثير من أطباء الأسنان السؤال عن انقطاع الطمث، لذا فهم يعالجون أمراض اللثة ولكنهم لا يعالجون جذر المشكلة. أو قد يقدمون فقط رذاذًا صناعيًا لعابًا للفم الجاف. ولكن عندما لا تختفي المشكلة أو تزداد سوءًا، لا يستطيع المرضى فهم السبب".

وتستخدم الدكتور أوكوي، العلاج التعويضي بالهرمونات الذي يخفف الأعراض، ولكن بالنسبة للبعض، بما فيهم الذين يعانون من متلازمة حرقان الفم، فهو أقل فعالية.

وقالت: "هناك أشياء أخرى يمكن أن تساعد، مثل تجنب استخدام معاجين الأسنان بمنظف يسمى SLS يجفف الفم أكثر. وتجنب الأطعمة الحمضية والتوابل والكحول يمكن أن يقلل من المذاقات المعدنية الغريبة".

لكنها شددت أيضًا على أهمية الوقاية، ناصحة بالتنظيف الكامل كل ثلاثة أشهر، بدلاً من كل ستة أشهر، وتنظيف الأسنان بالخيط مرتين في اليوم، بمراقبة دقيقة من طبيب الأسنان.