غالبًا ما يحدث خلاف ما حول أمر ما، وأحيانًا ما يشتد الخلاف ليصل حد القطيعة بين الناس، ومن هنا يبرز السؤال: هل يكون الخلاف حول الأشخاص أم الأفكار؟.
عزيزي المسلم، اعلم أن كثيرًا ممن يخالفونك سيخالفونك من أجل آرائهم حول الأشخاص لا الأفكار، فالحوار يكون ناجحًا عن الأفكار ، لكن عندما يتحاور البعض عن الأفكار انطلاقًا من الأشخاص فالتوقف عن الحوار سيكون مثمرًا جدا ؛ ليفرغ كل صاحب فكرة إلى إيجادها على الأرض لتتكلم الأرض بأفكارنا.
الإسلام بالأساس وضع أسس كاملة لإدارة أي خلاف حتى لا يشتد الأمر ويصل لقطيعة متكاملة، فإن أمراض المسلمين في عصرنا هذا قد تعددت وتشعبت وفشت حتى شملت جوانب متعددة من شؤونهم الدينية والدنيوية، فبات الخلاف هو السمة الأساسية التي تميزنا عن كل العصور السابقة.
رغبات شخصية
للأسف الخلاف الآن يحيط به رغبات شخصية وفقط، وليس لمصلحة عامة أو خلاف من أجل الدين، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغضب لنفسه قط، ومن ثم فإن هذا النوع من الخلاف مذموم بكل أشكاله ومختلف صوره لأن حظ الهوى فيه غلب الحرص على تحري الحق والهوى لا يأتي بخير فهو مطية الشيطان إلى الكفر.
قال تعالى: « أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ » (البقرة: 87)، وبالتأكيد فإن من يتبع هواه فإنه يجانب العدل ويتبع سبيل الظالمين، قال تعالى: « فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا » (النساء: 135)، وبالهوى لاشك يضل وينحرف الضالون، فإياك أن تكون منهم عزيزي المسلم، قال تعالى يوضح ذلك: «قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ » (الأنعام: 56).
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟نشر الحب
الرد على الخلاف يكون بنشر الحب بين الناس، فلا يمكن أن يكون إسلامنا دين التعاون والاجتماع على قلب رجل واحد، ولا يحب بعضنا بعضًا، فالأمر جلل وعلى كل مسلم أن يراجع مشاعره تجاه الناس، وأن يحب الخير للجميع مهما كانوا، فهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا ربى صحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
ولذلك يقول القرآن بعد الأمر بتقوى الله حق تقاته، والثبات على الإسلام إلى الممات: « وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا » (آل عمران: 103)، وفي هذا السياق نفسه يحذر من التفرق كما تفرق الذين قبلنا، فيصيبنا ما أصابهم، قال تعالى: « وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ » (آل عمران: 105).