عزيزي المسلم، تأكد أنه مهما وصلت من النضج والحكمة أيضًا لابد أن تصدم في الناس .. لأن الصدمة تحدث حينما تتفاجئ برد فعل غير متوقع .. ومهما كنت واعيًا أيضًا، هناك بعض الأمور لن تستطيع أن تتوقعها أيضًا، لأنها غير مرتبطة بمدى نضجك أو وعيك .. وإنما مرتبطة بأن النفس البشرية معقدة ومركبة، ولا يعلم سرها ولا خفاياها أو نجواها سوى الله عز وجل!
الإنسان بفطرته السليمة حينما تتواجد الأساسات التي يرتاح لها عقله و قلبه.. فإنه يعطي الأمان، ولا يظن أبدًا أنه قد يكون هناك أي خيانة أو سوء ظن أو غدر.. سيتصور أن هذا هو الطبيعي في الحياة.. لكن حين يحدث ذلك فجأة، وتقع ردود أفعال خارجة عن المتوقع وعن الأساسات فإنه من الطبيعي أن (تتخض) و تتصدم و تتوجع ..
الوعي والنضج
لكن كيف يكون الفرق مع وجود الوعي والنضج والخبرة ؟.. يحدث الفرق في أنك تحصن نفسك أنت من الانهيار .. يحدث الفرق في ألا تضيعك الصدمات، وألا تفقد الثقة في كل من حولك وفي كل شيء، لذا إياك أن تعتقد أنك تعلم جيدًا أنه لا يوجد شيء يستمر على حاله أبد الدهر، وأنك مدرك جيدًا أن القلوب بين يدي الله عز وجل يقلبها كيف يشاء.. وأنك تعي جيدًا أن النفس البشرية بالأساس ضعيفة .. وبداخلها الفجور والتقوى.
قال تعالى: «وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا» (سورة الشمس:1-10)، ستصدم نعم أنك لا تعرف كيف تسقط هذه المفاهيم على أناس قريببن منك جدًا.. لكن ستدرك أن الدروس والمواقف هي التي تربي الإنسان، وبالتالي لا يمكن أن تتعلم دون وقوع مثل هذه الصدمات في أقرب الناس إليك.
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟الصمود
عزيزي المسلم، قد تكون الصدمة في أقرب الناس إليك، هي التي تلهمك الصمود، والإدراك و تعيدك مجددًا إلى حالتك الطبيعية بعد كل صدمة .. وهي التي تجعلك في كل مرة تقرب أكثر و تلجأ وتتعرف على ( الله ) وصفاته وقدراته .. فتتعلم كيف تتسند به وتتحصن فيه.
لذلك عليك طوال الوقت أن تشتغل على نفسك .. كيف تقويها .. وكيف تحصنها.. حتى تستشعر لُطف الله وقت الصدمة .. وتستطيع أن تعود لنفسك مجددًا بعدها .. قال تعالى: ( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ).