اعلم وفقك الله أنك إذا امتثلت المأمور به من غض البصر عند أول نظرة سلمت من آفات لا تحصى فإذا كررت النظر لم تأمن أن يزرع في قلبك زرعا يصعب قلعه.
واعلم أنه لا علاج للحاصل في القلب أقوى من قطع أسبابه ثم زجر الاهتمام به خوفا من عقوبة الله عز وجل فمتى شرعت في استعمال هذا الدواء رجي لك قرب السلامة وإن ساكنت الهم ترقّى إلى درجة العزم ثم حرك الجوارح.
1-يقول الصحابي أبو أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة إذا حدث أحدكم فلا يكذب وإذا اؤتمن فلا يخن وإذا وعد فلا يخلف غضوا أبصاركم وكفوا أيديكم واحفظوا فروجكم".
2- وروى أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة أول مرة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها.
3- وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :النظرة الأولى خطأ والثانية عمد والثالثة تدمر.. نظر الرجل إلى محاسن المرأة سهم من سهام إبليس مسموم من تركها من خشية الله ورجاء ما عنده أثابه الله بذلك عبادة تبلغه لذتها.
4- وقال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل عين باكية يوم القيامة إلا عين غضت عن محارم الله وعين سهرت في سبيل الله وعين يخرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله".
5- يقول أحد العباد : " من غض بصره عن محرّم أورثه الله بذلك حكمة على لسانه يهدي بها سامعوه ومن غض بصره عن شبهة نور الله قلبه بنور يهتدي به إلى طريق مرضاته".
6- قيل لبعض الحكماء: ما سبب الذنب قال الخطرة فإن تداركت الخطرة بالرجوع إلى الله ذهبت وإن لم تفعل تولدت عنها الفكرة فإن تداركتها بالرجوع إلى الله بطلت وإلا فعند ذلك تخالط الوسوسة.
7- وقال أحد العارفين: من راقب الله في خطرات قلبه عصمه الله في حركات جوارحه.
اقرأ أيضا:
الإيثار.. إحساس بالآخرين وعطاء بلا حدودفائدة عظيمة عن طرد خواطر الشهوات:
فالفكرة تولد عنها الشهوة وكل ذلك بعد باطن في القلب لم يظهر على الجوارح فإن استدركت الشهوة وإلا تولّد منها الطلب فإن تداركت الطلب وإلا تولد منه الفعل.
فإن قال قائل: كيف أقدر على دفع خطرات تخطر لا أملكها؟
فالجواب أنها ما لم تكن عزما لا تضر غير أنه لا ينبغي أن تؤجر بالخوف ممن يعلم ماتخفي الصدور لتشاغل القلب بوظائف بعيدة تلهيه عن الأمر الذي خلق له ومتى كففت جوارحك ولم تعزم على الخطايا بقلبك فقد عفي لك عن الوسواس والخواطر فإذا زجرتها بالخوف فقد بالغت في النظافة.