للأسف أصبح كثير من الناس الآن (متكلفين) جدًا.. وكأن البساطة ماتت وانتهت .. وأن معايير التقييم اختلفت كثيرًا ! (لابس منين .. متعلم فين مش إيه .. عربيتك إيه .. ساكن فين .. بتصيف فين .. المدرسة إيه والنادي فين ).. هذا الكلام أصبح نصه حد أدنى بالإنجليزية بلا أي داعي .. أصبحنا نبذل مجهودًا كبيرًا حتى نجد أناس يشبهوننا لمجرد أننا أناس عاديون.. وعادي معناها الحقيقي (متعوب فيك أوي ).. واشتغلت على نفسك جدًا لكن المعايير والتصنيف العام اختلف ..
في السابق كان هناك طبقة غنية، ومتوسطة، وفقيرة .. كانت كل طبقة سماتها معروفها ومعاييرها معروفة .. لم يكن الغنى مجرد أموال أو مظاهر .. بل كانوا (بشوات وهوانم) بأخلاقهم.. غير هذا الوضع المفتعل جدًا حاليًا .. هناك تكلف كبير وتمثيل وأمور فُرضت على الناس بأنهم لابد أن يجاروا كل ذلك حتى يصل أو يحقق ما يريد، وإلا لن يحقق أي شيء.
علاقات مصالح
للأسف باتت العلاقات يغلفها المصالح والمنظرة وفقط، كأنه سباق و لخبطة و زحمة و صور شبه بعضها البعض .. (استمبات) .. أصبح معظمها وليس كلها أكيد .. حياة مزيفة .. كأنه ليس هناك أي فرصة لأن تعيش بشكل حقيقي .. أو تشعر بشكل جدي .. أو تتذوق البساطة التي بداخلك.. عندك مليون مانع وحواجز تواجدت داخلك ومعك وأصبحت تراكمات ربما تكون قد نسيت فيها فطرتك وطبيعتك وحقيقتك ..
كأنك تجد نفسك مع أناس من الخارج فقط شبهك لمجرد أنهم حققوا المعايير الظاهرية، وهذا ما يطمئنك بعض الشيء، لكن هناك الكثير ينقصك… ربما تجد نفسك أحيانًا لكن في الغالب لا تجد روحك أبدًا! .. ومن ناحية أخرى هناك أناس عاديون محبطون، لأن هذه الفكرة (فكرة التكلف) طُعت بشكل لا إرادي أن هذا هو النجاح الحقيقي، وأن هؤلاء هم البشر الحقيقيون من حولنا، وبالتالي هذه هي قيمتك الحقيقية.. فتعيش طوال الوقت مضغوطًا ومحبطًا وكأنك تجري وراء سراب.
لكن لو استسلمت لكل ذلك لن ترتاح أبداً .. فبالتأكيد الطموح مهم جدًا لكن وأنت محافظ على أصل المعايير التي فيها البساطة وعدم التكلف .. وبالتالي لا تكلف نفسك فوق طاقتها .. والأهم من هذا كله أن تحدد من ماذا تستمد قيمتك ؟.
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟معنى الاختيال والتكلف
يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: (إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) ، وهنا مختال تعني من يغير في حقيقته لأجل إرضاء الناس .. وفخور بأنه من داخله يشعر بنفسه بزيادة ويفتخر لدرجة تنسيه أن الله عز وجل هو مصدر كل ما هو فيه.. فهذا الرسول عليه الصلاة والسلام أعظم مخلوق على وجه الأرض .. كان من لا يعرفه ويدخل عليه وهو جالسا مع الصحابة .. كان يسأل من فيكم محمدًا؟ .. لا ميز نفسه بلبس ولا بجلسة معينة ولا مكان وحده .. بسيط .. وطبيعي .. وهو نبي الله !.