للنجاح عدة شروط، منها دنيوي ومنها ديني، ومن الدنيوي لاشك الاجتهاد والصبر والمثابرة والتعلم، أما من أهم شروط النجاح دينيًا، فهو لاشك الكتمان.
فقد روى الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان لها، فإن كل ذي نعمة محسود»، فإن مما ينبغي كتمه ما يتعلق بالأمور التي يخشى أن يحسد الإنسان بسببها، أو يحصل له ضرر، فقد ذكر الله تعالى أن نبي الله يعقوب أمر ابنه يوسف عليهما السلام بكتم رؤياه عن إخوته فقال: «قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ» (يوسف:5).
أن تكون أسيرًا
السر هو أسيرك وحدك، وبالتالي تمشي وحدك حتى تحقق ما تريد، بعيدًا عن الناس، فما تدري لعل أحدهم يكره لك الخير، والاحتياط ليس بعيب، فما كان نبي الله يعقوب عليه السلام يغني من الله شيئًا حينما طالب أولاده بالدخول من أبواب متفرقة.
قال تعالى: «وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ۚ وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» (يوسف 68)، ولهذا أيضًا كان الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يقول: «سرك أسيرك، فإن تكلمت به صرت أسيره».
وهذا سيدنا معاوية رضي الله عنه كان يقول: «ما أفشيت سري إلى أحدٍ إلا أعقبني طول الندم وشدة الأسف، ولا أودعته جوانح صدري فخطمته بين أضلاعي إلا كسبَني ذلك مجدًا وذكرًا، وسناءً ورفعة»، كأنه يريد أن يقول إن المجد والنجاح متلاصقان جدًا بالنجاح.
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟جنى الثمار
الناجح هو ذلك الشخص الذي يؤتي ثمار مجهوده كل حين بإذن ربه لاشك، وهو وصل إلى هذه المرحلة بإتيان الشروط التي وضحها الإسلام، ومنها: كتمان الأمر مع الاجتهاد والمثابرة، فكل إنسان يستطيع لو أراد أن يكون ناجحاً نجاحاً كبيرا، وأن يصير ذا شأن مرموق إليه بعين الإكبار، فينفع نفسه وبني جنسه بنجاحه.
لكن إذا بحث عن نفسه في نفسه، واكتشف إبداعاته، واستغل طاقاته، واستطاع أن يوظفها توظيفاً صحيحاً، وليعلم الجميع أن سبيل النجاح غير مفروش بالبسط الحمراء، والورد والزهور، وإنما على من يريده أن يلتزم بها أمره الله به، لكن أولا بامتلاك المشروع لأن الذي لا يملك مشروعًا لا يعد في الناجحين أصلاً، لأنه رضي بعيش في حياة فارغة، وفي ذلك يقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إن الله يكره أن يرى أحدكم سبهللاً فارغًا في أمر الدنيا، فارغًا في أمر الآخرة».