يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: «اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ» (الشورى 19)، هذه الآية الكريمة كل كلمة فيها تحمل الطمأنينة والأمان، وتهون كثيرًا جدًا علينا، الأول: يطمنئك الله بأنه في كل الأحوال لطيف بعباده ولاشك سيلطف بك في المنع وفي العطاء.
وبعد ذلك، تراه يقول لك: إن قانون الله في الأرض أن إنما هو الرزق بمشيئة الله أولاً ثم بمشيئتك أنت بالسعي، ومن ثم فإن تفعيل الرزق يأتي بالسعي لكنه تحت مظلة مشيئة الله عز وجل.. فركز في السعي وليس في النتيجة لأن الله دائماً له حكمه وأقداره.
قال تعالى: «للَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ » (إبراهيم: 32).
قوي عزيز
الآية الكريمة تختتم بالتذكير بأن الله عز وجل إنما هو القوي العزيز، ففي كل أحوال وأشكال رزقك ستستمد القوة منه والعزة منه .. فقوتك وعزتك غير مرتبطة بكثرة الرزق أو قِلتُه .. وإنما مرتبطة فقط بأنك عبد لقوي ولعزيز سبحانه وتعالى!، وهو ما يؤكد في قوله تعالى: «إنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ».
ومن ثم فإن أي زيادة وأي نقص في رزقك قد تحصل ، فإنها كذلك لأن الله عز وجل خبير بك وبصير بأحوالك وبخبايا نفسك وأقدارك، ويعلم تمامًا الحكمة من الزيادة والحكمة من النقص.
قال تعالى:( كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )، وبالتالي إذا أراد الله أن ينصرك فلن يوقفه شيء أبدًا مهما كان، فقط كل ما عليك هو اليقين والثقة المتناهية فيه، قال تعالى: «وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ» (الحج: 40).
اقرأ أيضا:
"لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون"؟.. لن تصدق ما فعله الصحابة عند سماع هذه الآية؟ (الشعراوي يجيب)سهولة الرزق
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أنه من رزق غيرك من غير حساب وبمنتهى السهولة، قادر بمنتهى البساطة أيضًا على أن يرزقك أنت أيضًا بكل تأكيد .. لكنها لحكمة ما صعب نستوعبها قد منعك.. وبالتالي لا تعجز أو تيأس، وإنما فقط ثق في حكمه وقدره، تنال أفضل ما في الدنيا كلها، هو رضاه سبحانه وتعالى عنك، وبالتالي ثق يقيًا أن الرزق له أشكال وصور عديدة، لكن انشغالنا برزق بعينه يجعلنا لا نرى باقي الصور.
قال تعالى: (كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ).. إذن الأمر كله بحاجة فقط إلى الثقة والصبر .. وهذا لن يحدث سوى باستمرارية التعرف على الله وصفاته و بالذكر.