أخبار

كل الأخطاء مغفورة عند الله.. إلا هذا الذنب

كيف تشكر الناس بطريقة تجعلهم أسرى في خدمتك؟

عجائب بني إسرائيل.. أغرب النهايات في قصة العجوزين

تعلم من رسولنا المصطفى كيف تتعامل مع أزمة زيادة مصروف البيت

لماذا المؤمن في مأمن من الخوف؟ وكيف يتعامل مع الحزن؟ (الشعراوي يجيب)

7طاعات عليك الالتزام لتصل إلى مرتبة الأدب مع الله .. خلق الأنبياء وجوهر العبودية

تعرف على ما ورد عن النبي في تسوية الإمام للصفوف قبل الصلاة

دعاء المولود كما ورد عن النبي

الذكر باب الحسنات الدائم والعبادة السهلة.. كيف نحافظ عليه؟

تريد أن يطيل عمرك؟.. تعرف على الوصفة النبوية

هل جاء الإسلام ليعذبنا؟.. هؤلاء أصحاب الحقوق فأعط لكل ذي حق حقه

بقلم | أنس محمد | الاثنين 13 مايو 2024 - 06:56 ص

وقعت بين أبي الدرداءِ وسلمانَ رضي الله عنهما قصة تربوية، حيث آخَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بينَ سلمانَ، وأبي الدرداءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ: (مَا شَأْنُكِ مُتَبَذِّلَةً؟ قَالَتْ: إِنَّ أَخَاكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ قَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، قَالَ: فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لِيَقُومَ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ لَهُ: نَمْ، فَنَامَ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ، قَالَ لَهُ سَلْمَانُ: قُمِ الآنَ، فَقَامَا فَصَلَّيَا، فَقَالَ: إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَا ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: صَدَقَ سَلْمَانُ) .

بعض الناس قد يحرن على نفسه متاع الدنيا ولو بالقليل، فربما يرفض أن يتزاور مع أهله لكي لا يحمل نفسه فوق طاقتها، وربما لا يأكل ولا يشرب لكي يوفر طعامه لأبنائه، وربما شدد على نفسه بالامتناع عن قبول الهدية من أصدقائه أو عزوماتهم له، لكي لا يكون مطالبا برد الهدية، وربما رفض أن يذهب بأبنائه إلى أي نزهة ولو بسيطة كأن يذهب للمصيف بدعوى أن هناك ما هو أهم، وربما لجأ لماهو أصعب فأغلق على نفسه بابه، لكي ينعزل بما لديه من فقر عما في أيدي الناس من غنى.

 فقد يجتهدُ كلُ واحدٍ في أداءِ الواجباتِ الْمُطَالَبِ بامتثالِها، وليُدركْ أنهُ ما منْ إنسانٍ إلا وفيهِ جوانبُ تقصيرٍ، فلْيتركِ العتابَ جانبًا ما أمكنَهُ ذلك، وكما قال الحسنُ البصريّ رحمه الله: ما اسْتَقْصَى كريمٌ قطْ.

وقال الإمام أبو سليمان الخطابي فقال:

تسـامح ولا تستـــوف حقّـــك كلَّه *** وابق فلم يسـتـقص قطُّ كريم

ولا تغل في شيءٍ من الأمر واقتصد *** كلا طرفي قصد الأمور ذميم

التشدد مظلمة


فالتشدد والتعمق والغلو في الدين بالانهماك في العبادات والطاعات مع حرمان البدن حقه من الراحة والاستجمام والتنعُّم بالطيبات التي امتنَّ الله تعالى بها على عباده – أمرٌ يرفضه الإسلام ولا يرتضيه؛ فإن الإسلام دين العدل والوسطية.

والمتأملُ في أحكام الإسلام وتشريعاته يجد أنها تغطي كافة جوانب الحياة ومتطلباتها بتوازن واعتدال، دون أن يطغى جانب على آخر، ولا يحيف حقٌ على حق.

فقد حذر القرآن لمن خالف وتشدد وتعمق وتنطَّع، ومن ذلك قول الله تعالى عن رهبانية النصارى: {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم} [الحديد: 27]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين" رواه أحمد.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "هلك المتنطعون" قالها ثلاثًا، يعنى : المتعمقين المجاوزين الحدودَ في أقوالهم أفعالهم، والحديث رواه مسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم فى الصوامع والديار" رواه أبو داود.

وقال أيضا : "إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه" رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم: "اكلَفوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله عز وجل لا يملَّ حتى تملَّوا" رواه أحمد.

اقرأ أيضا:

كل الأخطاء مغفورة عند الله.. إلا هذا الذنب

أصوم وأفطر وأقوم وأرقد


روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك - رضي الله عنه – أنه قال: جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أُخبِروا كأنهم تقالُّوها [أي: عدُّوها قليلة]، فقالوا: أين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا [أي: دائما دون انقطاع]، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر [أي: أواصل الصيام يومًا بعد يوم]، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا.

فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".

ما نلمحه من فوائد هذا الحديث أن مخالفة هدي محمد – صلى الله عليه وسلم - والتشدُّد والتعمق والمغالاة في التعبد يؤدي إلى الإخلال بباقي الحقوق والالتزامات التي أمر الله تعالى بمراعاتها، والتي منها حقوق الزوجات والأبناء.

والمتأمل في حال أصحاب الغلو في الدين يجد أنهم من أضيع الناس لحقوق أُسرهم، فضلاً عن كون التشدد والغلو في العبادات يؤدي بصاحبه في النهاية إلى السأم والملل حتى يصل به إلى الانقطاع التام والترك، بل ربما أدى به إلى سلوك طريق أخرى عكس الطريق التي كان عليها، فينتقل من الإفراط إلى التفريط ومن التشدد إلى التسيب، وهذا أمر متوقع لأن الإنسان لا يستطيع مغالبة نداء الفطرة بالتنعُّم بالمباحات، كما أن طاقة الإنسان محدودة، وإذا تجاوزها العبد اعتراه الفتور والكسل ومن ثَم الخمود والانتكاس .

الكلمات المفتاحية

التشدد والغلو في الدين اتباع هدي النبي هل جاء الإسلام ليعذبنا؟

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled وقعت بين أبي الدرداءِ وسلمانَ رضي الله عنهما قصة تربوية، حيث آخَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بينَ سلمانَ، وأبي الدرداءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا ا