العابد والعارف هو من تظهر عبادته وبركة تعلقه بالله دون دجل أو ترويج ومزاعم باطلة.
كتب المجالس والرقائق حكت وروت الكثير من كرامات الأولياء وعباد الله المغمورين بين الناس منهم:
1-كان في خرابات القبائل بمصر رجل مجذوم، وكان شاب من أهل مصر يختلف إليه يتعاهده ويغسل خرقه، فتعرى فتى من أهل مصر.
فقال للذي كان يخدمه: إنه بلغني أنه يعرف اسم الله الأعظم، فأنا أحب أن أجيء إليه، فلما أتاه سلم عليه الفتى، وقال: يا عم، إنك تعرف اسم الله الأعظم، فلو سألته أن يكشف ما بك، فقال: يا ابن أخي، إنه هو الذي ابتلاني، فأكره أن أرده ".
2- يقول أحد العبّاد : " خرجنا مرة لنستقي وخرج الأمير والقاضي، فدعا القاضي، ثم أذن الأمير للناس بالانصراف.
قال: وما نرى في السماء سحابا، قال: وإلى جنبي رجل أسود عليه كساء، قال: فالتفت إليه، فسمعته يدعو، وأعجبت بدعائه.
فقال في دعائه لما نظر إلى الناس منصرفين: اللهم اسقنا الساعة وأقلب عبادك مسرورين، قال: فوالله إن كان إلا انقضاء قوله حتى أقبلت السماء بأشد ما يكون من المطر، يقول الراوي: فحرصت على أن أعرفه أو أدركه فلم أقدر على ذلك ".
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟3- حكى مالك بن دينار قال : " كنت أطوف حول البيت فإذا أنا برجل يطوف شاخصا بصره إلى السماء وهو يقول: يا مقيل العاثرين، أقلني عثرتي، واغفر لي ذنبي.
فلما فرغ من أسبوعه تبعته، فقلت: علمني رحمك الله مما علمك الله، فقال لي: هل تعرف مالك بن دينار؟ قلت: نعم، أوصني إلى مالك بما أحببت حتى أبلغه عنك.
قال: أقرئه السلام، وقل له: اتق الله، وإياك والتغيير والتبديل، فإنك إن غيرت هنت على رب العالمين، ثم قال له: اتق الله، وعليك بالصبر، والاقتصاد من الدنيا بالبلاغ، وأن يكف غضبه، ويكظم غيظه، ويتجرع المرار، وأعلمه أن لله غدا مقاما يأخذ منه للجماء من القرناء، ثم قل له يحاسب نفسه، ويتق الله ربه، قل له: إن الجنة طيبة، طيب ريحها، عذب ماؤها، لذيذ شرابها، كثير أزواجها، لا كدر فيها ولا تنغيص، ثم قل له: إن النار منتن ريحها، خبيث شرابها، بعيد قعرها، أليم عذابها، أعدها لأهل الكبر والخيلاء ".
4- وذكر وهب بن منبه قال: خرجت من منزلي وأنا أريد بيت المقدس، فإذا أنا بشيخ طويل ، فقال لي: " عليك بالصلاة، فإن الصلاة خير موضوع، من أوفى أوفي له، ومن أكثر أكثر له، ومن قلل قلل له.
قلت: أوصني، قال: عليك بتقوى الله، وعليك بقلة الطعام، وإياك والكبر، واجتنب البخل والشح يزرك الصديقون، وتلهم الحكمة، وتعط الخير كله، ويصرف عنك السوء كله.. واعلم أن لله ثوابا وعقابا، فمن آمن بها وصدق لم تقر عينه بالدنيا.
قال مكحول: فربما ذكر وهب بن منبه هذا الحديث وبكى ".